هذه الفترة في الكويت هي فترة فرك العينين ورفع الحاجبين، دهشة وذهولاً. فاللصوص يتهمون الشرفاء ويطعنون في ذممهم المالية بألسنة مسمومة كاذبة فاجرة. والسلطة التي فرقت الناس بالصوت الواحد لتدعم أتباعها ها هي توصينا باختيار الأفضل. والحكومة التي تغنّي الألحان السبعة في استقلال القضاء ووجوب احترامه، وتبكي في حبه كما يبكي ابن الملوح ليلاه، ها هي تضرب أحكامه بعرض الحائط وطوله، وتسحلها سحلاً يقطع نياط القلب، باعتراف النائب العام.
وقبل يومين، خرج نائب سابق “فصيح الصمت”، تخشى شفته العليا مفارقة معشوقتها السفلى، خفيف الوزن، حتى إنك لن تعلم بوجوده في الجلسة ولن تشعر بغيابه، تتلفت عيناه يمنة ويسرة انتظاراً لأمرٍ من هنا وإشارة من هناك، كي يمهر توقيعه على هذه الصفحة وذلك القانون… أقول خرج علينا هذا النائب السابق، المرشح الحالي، في ثياب المنتصرين ليضع شروطه: على المقاطعين السابقين، الذين قرروا المشاركة في هذه الانتخابات، الاعتذار إلينا علناً وفي الحال!
كدت أبكي لشدة القرف، ومن القرف ما يُبكي، لولا أنني تخيلت منظر الحبارى وهي تختبئ خلف نبات العرفج، وتتهم الصقر الذي يحوم في كبد السماء بحثاً عنها، بالجبن… فضحكت.
على أن صمت الجبان ليس كصمت الشجاع، فالثاني صمته حكمة، وحلمه عظمة، وعفوه شهامة، بينما صمت الأول خنوع وخضوع وخزي من كل نوع.
بقي أمر واحد لم يحدث في الكويت حتى الآن، بقي أن يتهمنا عبدالحميد دشتي بالتبعية لإيران وتنفيذ مخططها وخدمة مشروعها التوسعي والانقياد التام لها. بقي هذا الأمر ويكتمل المشهد، فنغلق صفحات الكتاب، ونعيد الغطاء للقلم، ونطفئ الإضاءة.