الاغلبية التي اعترضت، او بالاحرى «تطنزت» على الوثيقة الدينية التي عرضت للتوقيع والتداول مؤخرا، بحكم ان اكثر من وقعها هم ممن لا يؤمن بها، او لديه سلوك مغاير لمضمونها في حياته الشخصية، قد تكون هذه الاغلبية صادقة، ومحقة ايضا. لكن فات على هذه الاغلبية مع الاسف ان هذه الوثيقة متناقضة بالاساس مع الدستور، ومع المبادئ الديموقراطية، ومع قواعد واصول الحكم في الكويت، هذا يجعلها بالتالي متناقضة وانتخابات مجلس الامة، تصلح لان يوقعها اي متدين في اي موقع، ولكن ليس ايا من كان مرشحا لمجلس الامة، وهذا ما كان يجب ان يكون اساس المعارضة لها.
الترشيح لمجلس الامة يعني القبول بالدستور، والقسم على احترامه والتعهد بصونه وحفظه من عبث العابثين، والتعهدات الواردة في الوثيقة تناقض النظام الديموقراطي و«تكشخ» بالدستور. الوثيقة كما في نصوصها الواضحة فيها رفض للمبادئ الديموقراطية والتعارض مع الكثير من المواد التي تضمنها الدستور، الذي سيقسم على احترامه من وقعها.
ليس صدفة ان حروف العربية «نرفض» هي ذات حروف «نفرض»، لان المعنى تماما واحد. وكلا الرفض والفرض سلوكان غير ديموقراطيين، ويتعارضان مع المبادئ الديموقراطية والسلوك الديموقراطي. فأنت «تقترح» ولا تفرض في النظام الديموقراطي. وانت «تعترض» ولا ترفض ايضا، فكلا الرفض والفرض اذاً مخالفان للنظام الديموقراطي ومتعارضان بشكل خاص ودستور دولة الكويت. لهذا فان التوقيع على الرفض الوارد في الوثيقة يتناقض اساساً والدستور، ولا يجب ان يقوم به مرشح لانتخابات مجلس الامة.
ردء الحكومات المتعاقبة وجبن القوى الوطنية الديموقراطية أديا مع الاسف الى تجرؤ مجاميع الردة الدينية على الدستور وعلى النظام الديموقراطي. اذ اصبح العبث بالمواد الدستورية مقبولاً وجائزاً، خصوصاً مادة القسم النيابي 91، التي حرصت مجاميع التخلف على العبث العلني بها، باضافة معتقداتها و«شروطها» الخاصة لمادة القسم، مما يجعل القسم باطلا، ولكن مع الاسف لم يجرؤ اي رئيس سن على التصدي لذلك، عدا الفاضل الدكتور صلاح العتيقي رئيس السن في مجلس 2012، الذي خذله المجلس والحكومة في مسعاه لفرض هيبة المادة 91.
الوثيقة التي يفتخر بعض المتخلفين بها معادية للدستور، ومتناقضة مع سلوك موقعيها، وكاشفة لزيفهم ونفاقهم. اذ يفترض في مرشح مجلس الامة ان يكون مقرا بالحرية الشخصية، ومؤمنا بحق التغيير، ومناصرا للتعددية والاختلاف. والمفروض ان يشطب اي مرشح يوقعها لأنه يقر مسبقاً بعدم التزامه واحترامه لنظام ودستور الدولة.