البهرجة والزخرفة الزائدة على الحد مثيرة للضحك وجالبة للشفقة. هي “تلطيخ” يفتقد للبساطة، وبالتالي يخلو من الأناقة. وكلما زاد عدد الألوان في ملابسك ازداد عدد الضاحكين عليك والساخرين منك. وكلما زيّنت سيارتك بالإضاءات الملونة، التي تنطفئ وتشتعل، استبسط الناس عقلك، وظهر استجداؤك للإعجاب.
يكفي أن ترتدي لباساً بلونين، أو ثلاثة كحد أقصى، لتبدو أنيقاً “متزناً”، في مظهرك الخارجي، وهو ما يفعله معظم الناس، في حين يرتدي ضعيفو التعليم وبسطاء الإدراك ملابس تؤلم العين لكثرة ألوانها وتنافرها (حديثي هنا عن الراشدين لا المراهقين).
وانظر إلى سيارات المتّزنين من البشر، فلن تجدها تبرق بالألوان، ولن تجد عليها كتابات من مقولات وحِكم، لكنك ستجد أكثر من مقولة وحكمة ومثل على “التوك توك” وعلى أغلبية سيارات بسطاء التعليم والإدراك، كسيارات النقل، والعربات التي تجرها الحمير والبغال.
الخطابة كذلك… لن تجد عاقلاً متزناً ذا حجة وحق يتنطع بالحديث ويلوي أعناق المفردات، بحثاً عن إعجابك أو استدراراً لدهشتك، في حين تتلوى ألسنة الخاوين من الحجة والمنطق، وتتلوى مفرداتهم بالطراقم والحلاقم المرطوشبة، خلف الزواقم المتشوقبة، فتتطرقم أذنك من مفرداته، ويتطرشب حلقومك، ويتشوقب زقمك (الزقم كلمة بدوية تعني مقدمة الوجه، وتشمل الأنف والشفاه والحنك)، فتداوم في عيادات الأطباء للعلاج، وقد تلجأ إلى الكي لتخفيف آثار خطبة هذا المتنطع أو ذاك.
على أننا نبتسم كلما قرأنا حكمة على سيارة أحد البسطاء، ليقيننا بصفاء قلبه، لكننا نشعر بالقرف كلما استمعنا إلى خطبة متنطع، يخفي كذبه وغاياته في ثنايا الجار والمجرور، ويطلب اعتذار المغدور المقهور.