الموضوع لذيذ، وغاية في اللذاذة؛ اسرق وانهب واعبث والعب على الحبلين، أو الثلاثة إن استطعت، واسكت عن الظلم الذي تعرضت له الأسر المسحوبة جنسياتها لأسباب سياسية، واسكت عن الرِّشا، والفساد الشامل، وتهالك مؤسسات الدولة، وانتفاخ أرصدة اللصوص، ووو… ثم تفضل، حفظك الله، امهر لنا توقيعك على هذه الوثيقة “الشرعية” كي نزكيك ونمتدح غيرتك الدينية، وننسى كل ما فعلته أثناء عضويتك في البرلمان، ونساعدك لتنجح في الانتخابات، وتعيد العزف على أوتارك السابقة، ضارباً عرض الحائط بقيم الإسلام، ونصوص القانون، وروح الإنسانية.
والوثيقة تتحدث عن “ثوابت شرعية”، أي أن من لا ينتهجها فقد كسر ثوابت الإسلام التي لا جدال حولها ولا نقاش، باعتبارها من الثوابت. وأول هذه الثوابت: “الدفاع عن عرض النبي، صلى الله عليه وسلم، وأمهات المؤمنين، والصحابة رضي الله عنهم”، وكأن القانون المعمول به حالياً لا يكفي!
ثم يأتي البند الثاني، ليعتبر “منع الاختلاط في التعليم” من الثوابت. وبهذا يتناقص عدد المسلمين في الأرض، من أكثر من 1.6 مليار مسلم إلى مجموعة صغيرة، ويخرج مسلمو الصين والهند وإندونيسيا وتركيا وأستراليا وأميركا وبقية الدول، التي تسمح بالتعليم المختلط، من الإسلام.
ولا أدري هل عليّ أن أذكّر القائمين على هذه الوثيقة بقيم الإسلام ومبادئه وروحه، وأنها أهم من مظاهره، أم لا؟ على أية حال، حتى لو قام البعض بتوقيع هذه الوثيقة عشر مرات، لا يمكن أن يتطهر في عيون الناس. وحظاً أوفر لمن يعتقد أن الوثيقة تعمل عمل الديتول السياسي.