بسبب طبيعتي، ولأسباب كثيرة اخرى، لا أميل لرجال الداخلية أو لصحبتهم، بالرغم من أن بينهم من يستحق الكثير من المحبة والاحترام. كما لا أستسيغ عمل المؤسسة الأمنية، ولا أساليبها في النيل من المخالفين لها، أو ممن يُطلب منها القبض عليهم، والحديث في هذا المجال طويل. كما أن المؤسسة الأمنية التي لا يمكن العيش بسلام بغير رجالها وأجهزتها، لم تخيب ظني قط، وكانت، على مدى نصف قرن، مثال التسيب والاختراق.
ولكن، أستطيع القول، مع قليل من التردد الحذر، إن هذه المؤسسة بدأت منذ بضعة اشهر بالانتفاض، ومحاولة إزالة ما علق بسمعتها، على مدى عقود، من سوء، والسعي لتطوير نفسها، رجالاً ومعدات وأساليب، وهذا ما اصبح الكثيرون يلمسونه لمس اليد ويرونه بأعينهم.
لقد طال التسيب، فالكثير من مشاكلنا، كمشكلة المرور، أخلاقية بالدرجة الأولى، وهناك من بحاجة لهز عصا «مصادرة لوحات المركبة والغرامة المالية» في وجهه لكي يتعظ ويتعلم. وهناك من العاملين في السلك الأمني ممن استمرأوا استغلال مناصبهم، وأساءوا للمؤسسة وللمواطن، بحاجة لمراقبة تصرفاتهم، وتسجيل مكالماتهم مع المواطن والمقيم، لحظة توقيع العقوبة، لكي لا يظلم احد، او على الأقل يقلل من درجة الظلم، الموجود في كل جهاز امني في العالم.
كما ان إقرار الداخلية بعجزها عن فرض سيطرتها الأمنية على المطار، أو اي مرفق أمني آخر، والاستعانة بخبرات خارجية، أمر يحسب لها وليس عليها. وخطوة صحيحة في طريق تطوير نفسها والتعلم من خبرات واساليب الغير الأمنية. فالصحة تستعين بالخبرات الخارجية، وكذلك التعليم، والمصارف وحتى الأوقاف، وجهات أخرى عديدة، وليس في ذلك ما يعيب. حتى شركات اليابان الكبرى، كداتسون، استعانت بخبرات إداري فرنسي، من اصل لبناني، في انتشالها من الإفلاس.
كما تستحق الداخلية، بكل رجالها ونسائها، من معالي الوزير وحتى اصغر موظفة في جوازات الدخول في المطار، التحية والثناء، على ما يبذلونه من جهد في منع هروب المطلوبين، او القبض على كبار تجار المخدرات، ومهربي العملة ومبيضي الأموال. فأضرار مثل هذه الجرائم لا يمكن الاستهانة لها.
كما نتمنى قيام النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ووكيل الوزارة، ببذل أقصى الجهد لتشجيع القيادات المخلصة والنظيفة في الوزارة، وهي معروفة، والاستعانة أكثر بخبرات الشباب غير القبليين، ولا الطائفيين، وليس من الصعب معرفة هؤلاء، خاصة في فنون استخدام الكمبيوتر، وابتعاثهم لتعلم أساليب استخدامه «أمنياً»، وتعتبر دبي ولندن مقصداً، وليس في هذا أي انتقاص من قدرنا.
إن «الداخلية» التي طال تسيبها، مقبلة على مرحلة تطور مفصلية، فلديها كل إمكانات النجاح، من ميزانية ومعدات، والأهم من ذلك، رجال مخلصون.
* * *
• ملاحظة:
أصدرت وزارة الصحة قرارا، لكن من دون دراسة، يتعلق بإخضاع العمالة الوافدة للفحص الطبي عند الرغبة في تجديد الإقامة. قامت القيامة، وحدثت فوضى لا طاقة للإدارة الخربة والفاسدة لفحص العمالة. وهنا تدخلت إنسانية وزير الداخلية، فأوقفت الصحة العمل بالقرار، لأجل غير مسمى، وهذي الكويت!