أكملها الأميركيون بالثالثة وأثبتوا للعالم أن نتائج استطلاعات الرأي التي نصبت المرشحة هيلاري كلينتون رئيسة للولايات المتحدة الأميركية كل مرة ليست سوى هراء مبرمج يأتي من النظام إلى الناس لا العكس، كانت المرة الأولى في بريطانيا عندما كرست صورة خسارة حزب المحافظين الحاكم في الانتخابات التشريعية التي انتهت بصورة مغايرة، والتي خسر فيها حزب العمال وحزب الديمقراطيين الأحرار، المرة الثانية وكانت عظيمة في زلزالها حدثت في بريطانيا أيضا عندما صوت الناخبون لانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي خلافا لكل الهراء الذي يصنع إعلام الأطراف المستفيدة والمصالح الخاصة.
إن مفاجأة فوز ترامب المدوية بالأمس لم تحدث حقاً، لكنها بدأت عندما تمكن من تصفية منافسيه من الحزب الجمهوري واحداً تلو الآخر، حتى فاز بترشيح حزبه متغلبا على قواعد السياسة والنظام الذي لا يفرز غير الأكثر تمثيلا له، منذ ذلك الوقت وأميركا تحاول توصيل رسالة خاصة لنظامها عن مزاجها الثائر ضد لعبة المصالح والتوازنات المتكلسة.
كان، كما يقول الأميركيون، “يوجد فيل في الغرفة لا يريد أن يراه أو يتحدث عنه”، وترامب هو الوحيد الذي فعلها بأسلوبه الخاص بلا خبرة أو تدرج أو رؤية أو رزانة، متحديا كبار حزبه من حماة النظام المتكلس، وكل مؤسسات المال والأعمال وصناعة الرأي العام، كان يلقي بالحجارة الثقيلة من فمه دون أن يشعر بأي خجل، وفي كل الاتجاهات، وفي كل مرة كان يصعد ويرتقي.
أمس ثار الفيل دون أن نعرف سببا واحدا محددا لأنه لا يتكلم مع البشر، بداية كسر كل جدران النظام المتكلس وطحن علم السياسة الذي انحاز إلى تاريخ كلينتون وتدرجها في العمل العام، ثم أسمع أميركا من الساحل إلى الساحل صوته بأنني أنا الفيل غير راض عن “السستم”، وحملت رجلا معدوم الضمانات فوق رؤوسكم وليكن ما يكون.
هل أصحبت أميركا اليوم بعد ترامب بشعة أم كانت كذلك حتى عبرت عن ذلك صراحة؟ وهل كانت عنصرية وخائفة ومتشظية ومطحونة؟ الأسئلة كثيرة وستدخل التاريخ كظاهرة لم تعرف أبعادها أو دوافعها في بلد حاول النظام المتكلس فيه إنكار وجود الفيل في الغرفة حتى ثار عليه ودمره، فهل سيعود كما كان أم سيحاول تطوير نفسه لتجنب انهيار أميركا بأكملها.