ستُحسَم غداً الثامن من نوفمبر نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية بين ابنة السلطة هيلاري رودام كلينتون والمتمرد على السلطة دونالد ترامب.
أتابع بشكل حثيث الانتخابات الرئاسية الأميركية منذ المنافسة بين رونالد ريغان وجيمي كارتر، والتي لعبت إيران دوراً مؤثراً في نتائجها باستخدامها ملف رهائن السفارة الأميركية.
الانتخابات الأميركية، ليست انتخابات مباشرة، ولكنها تجرى بطريقة المجمع الانتخابي، ومن سخريات القدر أن أقرب دولة بها نظام شبيه هي الصومال، التي صار، بمحض المصادفة، موعد انتخاباتها الرئاسية ٣٠ نوفمبر الجاري.
الانتخابات الأميركية تحتل المرتبة الـ٥٣ من حيث الكفاءة على مستوى العالم، ويثار حولها الكثير من اللغط بشأن التصويت واحتمالات التزوير المباشر أو غير المباشر، كان أبرزها ما جرى في انتخابات عام ٢٠٠٠ بين جورج بوش وآل غور، الذي فاز بالتصويت الشعبي، ولكن النتيجة النهائية ذهبت لمصلحة بوش بحكم محكمة بفارق ٥٣٧ صوتاً، وبالتالي هي ليست نموذجاً يحتذى، بل تتقدم عليها بعض دول العالم الثالث من حيث جودة الانتخابات ومصداقية تمثيلها.
خلال الثلاثين سنة الماضية بذل المشرعون الأميركان جهوداً مضنية لإصلاح النظام الانتخابي تَركّز معظمها على مسألة تمويل الحملات الانتخابية، حتى لا تستأثر جهة بعينها بالانتخابات، إلا أن المحكمة العليا ألغت القيود المفروضة على التمويل وفتحت الباب على مصراعيه، وصار بإمكان شركة واحدة أن تغطي مصاريف حملة انتخابية كاملة لأحد المرشحين.
الحملة الانتخابية الحالية بين كلينتون وترامب هي واحدة من أكثر الحملات حدة وتبايناً وتعقيداً، فهي من الانتخابات النادرة التي لا يتمتع فيها المرشحان بشعبية كبيرة، فأغلبية الرأي العام الأميركي لا ترى في كليهما المرشح الأصلح.
استفز ترامب قطاعات واسعة في المجتمع، كما استنهض القواعد الاجتماعية الكامنة من البيض المتحفزين واليمين المتشدد ومن يطلق عليهم عادة “الرقاب الحمراء”، في حملة خطاب كراهية غير مسبوق، كما استفز عدداً من القيادات الجمهورية، فأعلنوا بصورة غير مسبوقة أنهم لن يصوتوا له. أما كلينتون فمازالت تتمتع بدعم ماكينة الحزب الديمقراطي، ودعم الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما، الذي يغادر البيت الأبيض وهو في أعلى شعبية لرئيس مغادر.
سيكون غريباً ضمن هذه المعطيات أن يفوز ترامب، وسيكون منطقياً أن تفوز كلينتون، وتبقى الاحتمالات مفتوحة، بغض النظر عن أيهما الأكفأ، فالانتخابات هي علم وفن قائم بذاته، وهي سوق مفتوح للفضائح وموازين القوى وعروض فنية، وتمثيل؛ فالسياسي في مثل هذه الأجواء لابد أن يكون ممثلاً، كما يؤكد الكاتب المسرحي الأميركي الشهير آرثر ميلر. بالطبع سيستطيع النظام الأميركي أن يزعم كفاءة شكلية، إن فازت كلينتون، بأن النظام استطاع أن يضع سيدة في البيت الأبيض، وعوضاً عن أنها كانت السيدة الأولى أيام رئاسة زوجها، بيل كلينتون، سيصبح هو، أي بيل، للمرة الأولى في تاريخ أميركا “السيد الأول” أو شيئاً من هذا القبيل.
ميزة الانتخابات، أي انتخابات كانت، أنها مشابهة لكرة القدم، من حيث الموعد المعلوم للنتائج، فعلى الرغم من كل الصخب والضجيج والقيل والقال، هناك موعد محدد وساعة مقررة لإعلان النتائج، فالانتخابات ليست كخطط التنمية المضروبة أو المشاريع التي لا زمن معلناً لمعرفة نتائجها.