مع اشتداد موسم الانتخابات، يبحث بعض المرشحين عن أدوات للنجاح، فلا يجدون إلا الطائفية سلاحاً.
بالطبع لا يشترط في الطائفي المتشدد أن يكون متديناً، فالطائفية ليست حالة دينية، بل حالة ذهنية.
منظمات “بلا حدود” في المجمل هي منظمات إنسانية، تخدم هدفاً عاماً، وعموم البشر دون تمييز من أي نوع، وأبرز تلك المنظمات وأشهرها منظمة “أطباء بلا حدود”، ومهمتها التدخل الطبي في مناطق النزاع المسلح، والتي يكون الكثير منها مستنداً إلى مرتكزات طائفية، بمعنى أن المنظمة، لا تتوافق مع الطائفية بلا حدود.
أقترح على تلك النوعية الطائفية المتشددة الساعية، عن وعي وإدراك، إلى تدمير المجتمع، دون أن يبنوا فيه طوبة واحدة، بل رموا بذلك الطوب رؤوس الحكمة والتوازن والتعايش، أن يؤلفوا منظمة خاصة تسمى “طائفيون بلاحدود”، وأن يكون هدف هذه المنظمة الأول المعلن هو تقويض أركان المجتمع، ونشر ثقافة الكراهية، وبثها لتصل إلى كل أركان الأزقة، وكل “زنقة”.
أما هدفها الثاني فيكون القضاء على أي عنصر من عناصر التسامح والتعايش، في حين يكون الهدف الثالث أكثر واقعية وعملية وهو مراجعة كل الكتب التعليمية لوأد كل معالم قبول الآخر، على افتراض وجودها بالأساس.
ومن المقرر أن تجمع منظمة من هذا النوع “أسود وضراغم السنة والشيعة”، فحقيقة الأمر أن كلاً منهما يستفيد من الآخر، فبلا أسود سنة لا وجود لأسود شيعة، وعكس ذلك صحيح. ومن المتوقع أن ينضم إلى هذه المنظمة عدد من المتطرفين، وعلى رأسهم المرشح الرئاسي الأميركي ترامب، واندريه بريفك وأمثالهما في بريطانيا وفرنسا والنمسا وهولندا وغيرها.
إنشاء منظمة من هذا النوع، قد يكون مفيداً؛ لأنه سيقضي أولاً على حالة التحايل والالتباس، حين يدعي طائفي متشدد أو عنصري كاره للحياة، أنه يدعو إلى التعايش، فربما يؤدي انضمامه لمثل هذه المنظمة أن يعبر بصراحة عن موقفه “نحن نكره الآخر”، إلى إنهاء حالة الضحك على العقول.
بالطبع “بلا حدود” المذكورة في منظمة “أطباء بلاحدود” تعني أنها لا تتوقف عند حدود جغرافية معينة، وأنها غير معنية بالحدود الدينية والعرقية والإثنية واللغوية وغيرها. فهم يعالجون الناس كبشر، لا فرق بين عربي ولا أعجمي، ولا أسود ولا أبيض، ولا سيخي ولا هندوسي، ولا مسلم ولا مسيحي، كلهم بشر، كلهم بنو آدم، وآدم من تراب.
أما “شلة الأنس” من الطائفيين بلا حدود، فبيانهم التأسيسي يعتبر معنى “بلا حدود” أنه لا حدود للقسوة في نفي الآخر، ولا حدود لإلغاء الطائفة لغيرها من الطوائف، وتكون الطامة الكبرى عندما يتضح أن أغلبية أولئك الطائفيين مدعومون من حكومات ودول ومؤسسات، وجمعيات تعلن صباح مساء أنها تدعو إلى التسامح والتعايش بينما هي تعمل عكس ذلك.