قال اللواء ركن، أحمد عسيري، المستشار في وزارة الدفاع السعودية، إن أنظمة صواريخ باتريوت الدفاعية التي رصدت ودمرت الصاروخ الحوثي ترسم خط مسار له وهذا أظهر أنه كان يستهدف مكة. وتم اعتراض الصاروخ على مسافة 65 كيلومترا من مكة المكرمة شرق مكة. لم يلبث الحوثيون أن غردوا بخبر أن استهداف الصاروخ كان مطار الملك عبدالعزيز في جدة. وحتى في الادعاء المزعوم الذي أسقط آخر ورقة توت هو في كلتا الحالتين أدهى وأمر، فهذا المطار المدني الدولي هو بوابة الحرمين وثلاثة أرباع المسافرين عبره هم إما معتمرون أو حجاج أو زائرو الأماكن المقدسة من الخارج أو الداخل. ومع ذلك لم يجد الحوثيون حرجا من هذا التبرير.
والأهم الآن فإن استهداف مكة تصعيد وتطور خطير، وقد سبق خلال هذا الشهر أن استهدف الحوثيون الطائف التي لا تبعد عن مكة. وإن كان المقصود مطار الملك عبدالعزيز في جدة الذي يضم القاعدة الجوية السعودية، فهناك قواعد عسكرية على مقربة من الحدود مع اليمن، فلم تجاوزها الحوثيون؟ هذا التصعيد ولا شك يعزز من موقف المملكة السياسي ويكشف جليا حقيقة الأزمة اليمنية، التي هي صراع إقليمي أكبر من جبهة يمنية داخلية. هذا الصراع الذي أوجدته إيران لتجعل من اليمن قاعدة عسكرية جديدة، على غرار «حزب الله» اللبناني، توجه فوهتها نحو السعودية، وتهديد السعودية تهديد للمنطقة ككل.
التطور الآخر أيضا منذ بدء الأزمة اليمنية، أن إيران لم تعد تتحرج من إظهار علاقتها بالحوثيين كما السابق، فهي تراهن بشكل أكثر صراحة على الميليشيا لزعزعة السعودية من جهة الجنوب كما تفعل في العراق وسورية ولبنان شمالا، وذلك لاعتراض الدور الاستراتيجي الذي تلعبه الرياض على المستويات السياسية والاقتصادية حتى الدينية.
العمليات الحوثية على الحدود مع السعودية مستمرة سواء في محاولات التسلل أو المقذوفات أو إطلاق الصواريخ، وهي صواريخ قديمة وغير دقيقة في استهداف المواقع، إلا أن دعم الخبراء الإيرانيين للحوثيين قد يسهم في تطوير تقنية أدائها بتعديل مسافة الصاروخ والرأس المتفجر والقوة التدميرية لمثل هذه الصواريخ، وهي التقنية نفسها التي ساعدت بها إيران «حزب الله» اللبناني. كما استفاد الحوثيون من الهدنة التي انطلقت في فترات متفاوتة، في تهريب أسلحة من طهران منها صواريخ لاو، وصواريخ حرارية، وأسلحة متوسطة، وذخيرة متنوعة.
اليمن امتداد جغرافي للسعودية، وهي مسألة جيوسياسية حيوية. وموقف المملكة في اليمن منذ البداية موقف الضرورة الذي لا يمكن معه التهاون بترك اليمن يواجه مصيره بشكل منفصل عما يحاك ويهندس خارج الجغرافيا اليمنية؛ في طهران.