مباشرة، وبجهدٍ لا يتعدى بياناً قصيراً نشره محاميا السيدة الكويتية وابنها، المتهمين بالانتماء إلى «داعش»، صدّقت غالبية الناس ما جاء في البيان الذي ينفي انتماء السيدة إلى داعش، ويبرر سفرها إلى سورية بدافع الأم التي تسعى إلى استعادة ابنها إلى أحضانها، بعد مقتل ابنها الآخر.
بيان المحاميين يقول إن الأم وابنها طلبا العودة إلى الكويت برغبتهما. وجاء قرار المحكمة بالإفراج عنها بلا ضمان، مع منعها من السفر، ليساند ادعاء المحاميين. في حين تقول وزارة الداخلية، عبر إعلامها الأمني، إنها قامت بضربة استباقية مكّنتها من جلب المتهم ووالدته من خارج الحدود إلى الكويت. ورغم صفة التواضع التي تتحلى بها وزارة الداخلية، وعدم رغبتها في الظهور بمظهر رامبو، فإنها ذكرت أن جهودها “تكللت بالنجاح، رغم كثافة العمليات الإرهابية التي تشهدها المنطقة بين العراق وسورية، بضبطهما وإحضارهما للبلاد”.
وبما أن السيد العميد عادل الحشاش لم يشرح لنا تفاصيل العملية، فقد قام الناس بتخيل المشهد بأنفسهم، كلٌّ وخياله. رحنا نتخيل مقاومة الدواعش في أرضهم لاختراق أبطال وزارة الداخلية الكويتية وعملائها أرضهم… عن نفسي تخيلت مجموعة من العساكر مفتولي العضلات، وهم يضعون على وجوههم صبغة الفحم، للتمويه والإخفاء، كما كان يفعل رامبو قبل عمليات الاقتحام الحاسمة، ويتفحّصون أسلحتهم، ثم يتبادلون الإشارات بينهم بالأصابع، فتقوم إحدى المروحيات بإنزالهم خلف خطوط العدو، في منطقة الرقة السورية، تحت غطاء الليل الدامس، فينقضّون كالسباع الضواري على الدواعش الملاعين، بحثاً عن المطلوب ووالدته. وبعد تساقط القتلى والمصابين من الجانبين، يتمكن مغاويرنا من العثور على المتهمين المطلوبين فيكبلونهما، ويهرولون بهما بسرعة إلى الأحراج والغابة القريبة، ويطلقون إشارة إلى المروحية التي تأتيهم في المكان المتفق عليه، ليقوموا بسرعة فائقة بحذف المتهمين بداخلها، والتشعبط على سلّمها وقاعدتها، لتقلع بهم تحت وابل كثيف من الرصاص الداعشي الغادر.
هذا ما تخيلته بناء على جملة “رغم كثافة العمليات الإرهابية التي تشهدها المنطقة بين العراق وسورية” التي جاءت في بيان الإعلام الأمني لوزارة الداخلية.
واليوم، لن أغضب أو أتعاطف مع هذه السيدة الكويتية التي تمرمطت وتمرمطت معها سمعتها، ونُشرت صورها في كثير من الصحف والشاشات والمواقع الإخبارية، وتلقت من اللعنات ما تلقت. لن يغضبني هذا، فنحن في بلد الإنسانية، وعلى هذه السيدة أن تتحلى بالإنسانية وتتحمل فداءً للكويت، وخدمةً لأبطال وزارة الداخلية الذين صفقنا لهم قبل انكشاف الحقيقة… إنما ما يغضبني هو خيالي الذي سرح بعيداً جداً، لعنه الله.