اجتمع مجلس الوزراء يوم أمس الأول، حيث اطلع على مجموعة من الرسائل، وأشاد بضبطية الجمارك لكمية من الحبوب المخدرة، ورحب باعتماد وزراء الشباب العرب للكويت كعاصمة للشباب العربي، ودان الإرهاب حول العالم، وأقر مجموعة من الميزانيات، كل هذا معقول أن يحتل جزءا من اجتماع مجلس الوزراء بشكل هامشي إلا أن القرار الأهم بالنسبة إلى ذلك الاجتماع هو متابعة التدابير المتخذة لمواجهة ظاهرة تراكم الأتربة والكثبان الرملية على الطرق السريعة والخارجية!!
أتخيل فقط أني شخص أجنبي لا أعرف عن الكويت شيئا، وتقع بين يدي صحيفة كويتية في عددها الصادر يوم الثلاثاء 26 /7/ 2016 فأقرأ هذا الخبر عن نتائج اجتماع مجلس الوزراء، سأقرر فورا أن أزور الكويت، بل سأفكر جديا بالاستقرار فيها.
فهذا البلد الذي لا توجد على أجندة حكومته في اجتماعها سوى مجموعة من الشكليات المتمثلة بالاطلاع على رسائل، وانتهاء من إقرار بعض الميزانيات، ومواجهة تراكم أتربة على الطرق السريعة والخارجية، هو حتما بلد ينعم برخاء وانسيابية في العمل، ولا يعاني أي عراقيل تشغل بال حكومته سوى بعض الرمال المتجمعة على الطرق الخارجية التي لا يستخدمها الناس بشكل يومي.
لم يناقش مجلس الوزراء تضخم ملف العلاج بالخارج، أو تأخر المشاريع، أو تعاسة الإجراءات في وزارات الدولة، أو أزمة الجوازات، أو الكراهية التي ترعاها وزارة الأوقاف، أو تردي التعليم رغم كلفته العالية على الدولة، أو عجز الدولة عن مواجهة شيوخ الرياضة، أو حوادث السيارات التي تودي بحياة أكثر من شخص يوميا في الكويت، أو السبب في أن تنتهي شركة طيران الجزيرة من مبنى خاص لركابها في 18 شهرا فقط، أو هروب الناس من الكويت في كل إجازة طويلة أو قصيرة، أو نجاح الديوان الأميري في تنفيذ المشاريع مقابل عجز الحكومة، أو استقطاب العسكريين الحرفيين من بنغلاديش رغم القرار الصادر قبل سنوات قليلة بمنع استقدام العمالة من بنغلاديش، أو هؤلاء الصغار من غير محددي الجنسية الذين لا يملكون سوى الجلوس لساعات على الأرصفة في أشد بلدان العالم حرارة لبيع البطيخ، لم يناقشوا كل هذا، بل تابعوا تدابير مواجهة رمال على طرق خارجية، فرغم أهمية سلامتها فإنها لا ترقى أن تكون موضع نقاش في مجلس الوزراء، بل يجب أن يناقشها قسم صغير في وزارة لا أكثر.
إن ما نوقش في ذلك الاجتماع يعكس أولويات الجهة المهيمنة على الدولة في ظل كل التحديات التي تواجهها الكويت داخليا وخارجيا، فعلى ما يبدو أن الحكومة جعلت من اجتماعاتها الصيفية اجتماعات للراحة والاستجمام فحسب.
خارج نطاق التغطية:
عبداللطيف الدعيج هو الكاتب الذي مهما اختلفنا أو اتفقنا معه فإننا نفتقد رأيه المبني على قراءة معينة، فما إن يعود للكتابة حتى يفتح مدارك جديدة للقارئ والكاتب معا، أفقتد قلمك يا “بوراكان”، وسعدت بمقالك يوم أمس.