يقول أحد المفكرين إن تجارة الدين تلقى دائماً رواجاً، خصوصاً حيث ينتشر الجهل. فمن يرد التحكم في الجهلة فما عليه غير تغليف حاجته بغلاف ديني. فلو قمنا بإرسال عشرين ألف رسالة «واتس أب» نطلب فيها دفع عشرين فلساً في اليوم للصرف على مشاريع ثقافية أو حضارية، فالأغلب أن مستلميها سيتجاهلونها، ولكن سيردون عليها إن كان الهدف مغلفاً بغرض ديني.
في نهاية التسعينات، كتبنا سلسلة مقالات عن المهندس «ع.ع»، الذي أسس كياناً، ربما لم يكن يوماً قانونياً، واستطاع خلال فترة وجيزة إقناع وزراء سابقين وشخصيات كبيرة، بالعمل معه.
فقد ورد في القبس يوم 1999/4/9 أن مؤسسته وقّعت اتفاقية مع ماليزيا لتنفيذ مشاريع تكنولوجية في القرى الفقيرة، لإنتاج الطاقة الكهربائية عن طريق إحراق الأخشاب وإنتاج البخار! كما ورد في قبس 1999/12/27 أن المؤسسة نفسها ستنفذ مشروعها الخيري للعلاج عن طريق الأقمار، وأنها افتتحت فرعاً، من منطلق دورها الخيري والتنموي، لعلاج الفقراء مجاناً!
وفي عدد 1999/5/14، ورد أن أنشطة المؤسسة وصلت إلى اليمن، حيث يقوم عضو مجلس إدارتها فلان بتفقد المشاريع التنموية التي يشرف عليها الصندوق الاجتماعي للتنمية.
وفي عدد 1999/5/24، يعلن رئيس المؤسسة أنه يعد مشروعاً لتنمية الأسر المحتاجة داخل الكويت، حيث يقوم بتوقيع اتفاقية تعاون مشترك مع السيد «ع.ش»، أحد مسؤولي مركز البحوث، لإعداد دراسة عن المشاريع التنموية لهذه الأسر للارتقاء بها.
كما ورد في عدد 1999/8/16 أن المؤسسة العالمية للتنمية نظّمت مؤتمراً لرؤساء الجمعيات الإسلامية في لوس أنجلوس، وذلك بمناسبة حملة التبرعات التي تنظمها.
وفي عدد 1999/9/8 ورد خبر عودة رئيسها من جاكرتا، بصحبة «و.و»، عضو المجلس «التأسيسي» للمؤسسة (يعني أنها تحت التأسيس!) بعد رحلة تفقدية لبعض المشاريع هناك، وأنها معنية بتنمية القدرات البشرية والمهنية للمؤسسات والشعوب الإسلامية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، بحسب طبيعة كل بلد إسلامي! علماً بأن من أهداف المؤسسة توثيق العلاقات بين الشعوب الإسلامية والشعب الكويتي، عن طريق جمعية الصداقة الكويتية ـ الأندونيسية!
وفي عدد 2000/4/17 ورد أن المؤسسة وقّعت اتفاقية تعاون مع السودان لزراعة أراض شاسعة للفقراء! وأن رئيسها تسلم تبرعاً بمبلغ 10 ملايين دولار من السعودية، وأنها ستقوم بشراء ونقل تكنولوجيا «السيليكون فالي» إلى المسلمين.
وفي عدد 2000/12/22 حددت المؤسسة خطتها لدعم الفقراء والأرامل والمطلقات في عدد من الدول العربية والإسلامية، وأنها ستعمل على استكمال عدد من المشاريع الخيرية في مصر، ومشروع لزراعة الأسماك في السودان، ومشروعين مماثلين في الأردن وفلسطين، وأن أسهم ملكية المشروع ستوزع على الفقراء العاملين فيها… إلى آخر ذلك من الادعاءات التي لم يتحقق منها على أرض الواقع شيء.
تضمنت المقالات السبع التي كتبتها عن هذه المؤسسة أسماء وزراء وشخصيات «كبيرة». واختفت المؤسسة وصاحبها كما ظهر، من دون تنفيذ أي مشروع، ولا أدري حتى اليوم كيف صدق أولئك الكبار والوزراء السابقون أن أيا منها كان قابلاً للتطبيق يوماً، وربما كانت لهم مصلحة في كل ذلك.
ما نود قوله هنا إن صاحبنا «ع.ع» استغل الصبغة الدينية لمشاريعه، فجمع الملايين، ثم اختفى!