سؤال رائع وذكي طرحه العزيز أياد الخترش: “لماذا اقتصر قانون العزل السياسي على مجلس الأمة، ولم يشمل المجلس البلدي؟”. والجواب المطول هو: لأن المجلس البلدي “عزيز قوم”، يرفع شعار “الصيت ولا الغنى”. وقريباً قد نسمع “شيلات” للمجلس البلدي، يمتدح فيها تاريخه، كما يفعل المراهقون هذه الأيام. فالشيلات هي عزاء الغلابة، وتسلية الضعفاء، وأفيونهم الذي يُذهب عقولهم ويُشعرهم بأن شجاعتهم لا يضاهيها إلا شجاعة فرسان قادسية عمر، رغم أنهم في عيون الآخرين “أقل من لا شيء”، على رأي غابرييل ماركيز.
ومن الجهة الأخرى، وإذا استمر سير الأمور بالطريقة التي تسير بها في هذه الفترة، فسنسمع لمجلس الأمة، أيضاً، شيلات أقوى من شيلات المجلس البلدي، وسيتعامل الشعب معه كما يتعامل الأحفاد مع جدتهم الخرفة الطاعنة بالسن، التي لم تعد تدرك ما تقول. يقبّل الأحفاد رأسها، تقديراً وشفقة وصلة رحم، لكنهم لا يلقون لكلامها بالاً، ولا يهتمون بهذيانها.
وبالعودة إلى إجابة السؤال أقول: المجلس البلدي لا يهش ولا ينش، ولا يهدد مصالح نواب هذا البرلمان ولا الوزراء، لذا لا يهم، ولا يستدعي حتى إصدار قرار، فما بالك بقانون.
لكن، إن كان ولا بد، فليعلن مسلم البراك ونواب المعارضة نيتهم خوض انتخابات البلدي، لنشاهد جميعاً نوعية غريبة من المقترحات، لها عيون القوانين وأجسام الطلاسم. هجين مخيف مضحك.
سيجتمع بعض نواب هذا المجلس مساءً في سرداب أحدهم، وسيسلقون القانون سلقاً عظيماً، وسيدخلون إلى مبنى البرلمان بسترات داكنة تخفي تحتها مسودات للقانون، وسيصدر هذا القانون خلال ساعتين وثلث، مغلفاً بغطاء ديني: “يمنع من الترشح والانتخاب للمجلس البلدي كل من انتقد خطة المسلمين في غزوة بدر، أو شكك في نقاء ماء زمزم، أو كان موظفاً في البلدية (مسلم البراك كان موظفاً في البلدية)، أو شكّل أغلبية معارضة مع موظف في البلدية. والله ولي التوفيق”.
الدولة، يا عزيزي الخترش، تسير بناء على ما يغيظ مسلم البراك. وما القانون الذي قرأناه وضحكنا عليه لشدة بؤسه إلا مثال. وهذا يسمى في علم السياسة “حررررة”، بوضع قبضة يد على باطن اليد الأخرى.