كل هذا الضجيج على ماذا؟ أو علامَ؟ كما يقول الفصحويون… رجل سعودي، مظهره الخارجي يوحي بالتدين، كما تبين لاحقاً من مقطع الفيديو، اصطحب زوجته إلى مطعم، وجلسا في “كابينة” خاصة، مغطاة من الخارج بالخشب والزجاج الثقيل، فأضاف هو إلى التغطية تقنيته الخاصة، عندما وضع “شماغه” على الكابينة من الخارج، كي يضمن عدم تمكن أحد من رؤية زوجته أثناء تناولها الأكل، فالتقط أحد المتطفلين صورة للوضع، ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي، وعينك ما تشوف إلا النور.
ما إن التُقطت صورة لهذا الوضع حتى هاجت الدنيا وماجت، في السعودية والخليج. ضجيج وصخب وطبول وموالد وألعاب نارية… ليش؟ لأن الحرب اشتعلت بين جيشين يمتلكان الخبرة الكافية في مثل هذه الحروب؛ جيشٍ يرى هذا الرجل شهماً ذا مروءة وحياء وغيرة على أهل بيته، وجيشٍ يراه متخلفاً شكاكاً يعيش في القرون الأولى ويشوه صورة الشعوب الخليجية.
وهات يا قذائف منجنيق، وهات يا رماة فوق الجبل، وهات يا حصار، وهات يا اقتتال على البئر، وجرحى وقتلى، في معركة ذات الشماغ الخالدة.
ومازالت رحى الحرب تدور بلا هوادة. والحق يقال، كانت الغلبة في بداية الحرب لجيش الممتعضين، لكن جيش المؤيدين استطاع قلب الموازين، واستعاد أراضيه المحتلة، وبدأ يتقدم، وأجبر العدو على التراجع. ويبدو أن أياً من الفريقين لن يستسلم، كعادة العربان الشجعان، لله درهم. ولم يلفت نظري في هذه الحرب أكثر من مغرد “بطل”، يبدو من مفرداته أنه صغير سن، وصف كل من لم يفعل ما فعله الرجل بأنه ديوث لا محالة، ولا استئناف، ولا تمييز. حكمٌ قاطع يدل على الشجاعة والجلد. وبذا استطاع قتل غالبية الشعوب الخليجية ودفنها.
على أن أحداً لا يستحق القصف أكثر من المتطفل الذي التقط الصورة. ولا أدري ما علاقته برجلٍ يغطي زوجته بشماغه، أو حتى بشرشف، أو بدرع هندية؟ كيف سمحت له نفسه بالتقاط صورة لأناس لم يضروا أحداً، ولم يفرضوا فكرهم على أحد؟ إلا “اللقافة” أعيت من يداويها.