انتشر في الأيام الماضية صيت جميل لسلطنة عمان ودولة الكويت على انهما دولتان رائدتان في مجال السياسة الخارجية المتزنه والمبادرة لنشر السلام ووأد الخلافات والفتن في المنطقة .
فعمان عرف عنها بأنها بلد التسامح والتعايش الداخلي والسياسة الخارجية المتزنه والدبلوماسية ، والكويت كذلك تسير في نفس الخط المعتدل الذي تحتاجه الأمة لانتشالها من بحيرات الدم التي تغرق بها يوماً بعد آخر .
فسلطنة عمان بحكمة قيادتها وشعبها ساهمت بإخماد نار الحرب التي كادت أن تشتعل من قبل القوى الكبرى ضد إيران بسبب برنامجها النووي ، حيث كان لها الدور البارز في التوقيع على الإتفاق النووي بين ايران والدول الكبرى والذي كان له الفضل في إبعاد شبح الحرب ، بالإضافه الى مبادراتها المتكررة لوقف نزيف الدم في اليمن مما جعل من صورة السلطان قابوس زينه تتزين بها شوارع اليمن بمختلف مناطقها .
وفي نفس السياق نستمع هذه الأيام للدور الكبير التي تلعبه الكويت في عدة ملفات بالعالم ، أبرزها حل الملف اليمني و المصالحة بين ايران ودول الخليج العربية .
ففي الموضوع اليمني ، صرح قبل أيام المبعوث الأممي في اليمن عن نية الكويت لإستضافة الأطراف اليمنية المتصارعة على طاولة حوار بعد اعلان وقف إطلاق النار لحل مشاكلهم وإنهاء الأزمة التي أتمت عامها الأول ، وفي ملف الخلافات بين ايران و الدول الخليجية جميعنا قرأ او سمع بالتقرير الذي نشرته جريدة الراي قبل مدة عن وساطة تقودها الكويت باسم سمو الأمير بطلب من الرئيس الايراني لإذابة الجليد وفتح صفة جديدة بين الطرفين مما سيجلب الخير الكثير للمنطقة ، ويحفظها من شر الحرب .
وهذه الدبلوماسية باتت تحتاجها أمتنا هذه الأيام أكثر من قبل خصوصاً مع انتشار شبح الحرب في أغلب مناطقها وزيادة القتل والدمار ، نحتاج هذه السياسة المتزنه لنكون واسطة خير لوقف شلالات الدم التي نشاهدها بشكل يومي ، ولنتفرغ بعد اطفاء نار الحروب شعوباً وحكومات لمواجهة العدو الحقيقي وأدواته “التكفيريين” بالإضافة لمواجهة مشاكلنا الإقتصادية الداخلية التي اصبحت تهددنا فعلياً وحلها .
كما ان هذه السياسة الدبلوماسية المتزنه ستجعل من الدولة التي تتبناها نقطة ارتكاز للوسطية بين الدول الأخرى وستجلب لها محبة الشعوب وتجعلها دولة محورية في العالم .
وعلى الرغم من جمال هذا الصيت وجمال هذه السياسة إلا أننا في الكويت بتنا نستمع لأصوات نشاز ترفض هذه الوساطات و تضغط لدخول الكويت بشكل مباشر في الصراعات كطرف من الاطراف ، هذه الفئة (رغم قلة عددها وصوتها العالي) لا تخرج من أمرين إما أنها تعشق رائحة الدماء وتقتات عليه وتربح منه ، او ان طائفيتها و عنصريتها تحتم عليها ذلك .
فهل جهلت أو تجاهلت هذه الفئة ان مصلحة الكويت والتي تقع في موقع جغرافي خطر من مصلحتها ان تمارس هذه السياسة المتوازنه وعدم دخولها في حرب المحاور ، و من مصلحتها ان يعم السلم والامن والأمان في المنطقة .
فاليوم دورنا نحن كشعوب ان نضع ايدانا معاً لنشر ثقافة رفض الحرب ولنكن من صناع قرارات السلم ، وان نرسل رسائل صريحة لحكوماتنا بتأييدنا لمساعي الوساطة التي تقوم بها ورغبتنا بايقاف الحروب ونضغط للإستمرارها بهذا الطريق .
وندع الله ان يسدد عمان والكويت في هذا الطريق ويعينهما لنشر السلام واذابة جليد الفتن والخلافات ،وندع الله ايضاً ان يرزق بقية دول الاقليم الوعي والحكمة ليلتحقوا بركب السلام ونبذ الفتن والحروب .