هذا لسان حال ومقال كثير من بني جلدتنا عند وقوع أي حدث إرهابي في العالم الغربي، ويشتبه بأن وراءه أشخاصا ينتمون إلى الإسلام، فيسارعون إلى التباكي والاستنكار والتبرؤ، حتى قبل أن تنكشف تفاصيل الحادث أو تكتمل المعلومات حوله.
مسارعة بعض المسلمين إلى استنكار تلك الأحداث فور وقوعها كل مرة، وتقديم العزاء، وإظهار الحزن، في محاولة للظهور بمظهر إنساني، أمر يدعو الى الشفقة، فصاحب هذا المسلك يشعر بأنه واقع في دائرة الاتهام، وعليه تبرئة نفسه دائما، والتودد إلى الغرب الإنساني المتحضر والمتطور، حتى لا يعتبرنا وحشيين ومتخلفين ويلحقنا بأصحاب تلك الأفعال الوحشية!
الإرهاب والوحشية لا دين لهما، كما أن المسلمين أنفسهم من أكثر الناس تعرضا للإرهاب، ولا نرى ذلك الحماس لاستنكار الإرهاب الواقع عليهم من الغرب نفسه أو من منظمات وميليشيات مثل داعش وحزب الله والحشد الشعبي، أو من الأنظمة الحاكمة الوحشية التي تسومهم القتل والتعذيب والتشريد، من دون أن يكون هناك استنكار أو تعاطف معهم من الغرب، أو حتى من قبل بعض المسلمين الذين يسارعون إلى ذرف الدموع على الإرهاب الذي تتعرض له بعض الدول الغربية، ويظهر ذلك جليا عند مقارنة ردود أفعالهم من تفجير أنقرة قبل أسبوعين، حيث كان الأمر -في أحسن الأحوال- لا يعنيهم، بينما كانت ردود أفعالهم المستنكرة لتفجيرات بروكسل لا تقل -إن لم تزد- على ردود البلجيكيين أنفسهم!
إن السبب الذي يدعو الى الشفقة على هؤلاء المسلمين المغرقين في الإنسانية، أنهم وقعوا ضحايا لصورة يرسمها الغرب لنفسه، وهو أنه إنساني في كل الأحوال، وأن مشكلته الوحيدة هي مع المسلمين الوحشيين الذين ينغصون عليه إنسانيته، بينما الواقع خلاف ذلك، فتقرير الشرطة الأوروبية يؤكد أن أروربا تعرضت في عام ٢٠١٤ إلى ١٩٩ هجمة، اثنان منها فقط لأسباب دينية، بينما البقية لأسباب انفصالية، كما أن هؤلاء المسلمين المثيرين للشفقة وقعوا ضحية ازدواجية الإعلام في تسليط الضوء على أحداث العنف بانتقائية، ليستصدر منهم مواقف الاستنكار والتعاطف حسب أجندته الإعلامية الخاصة.
هذه الفئة من المسلمين لا تختلف في سذاجتها عن الفئة الأخرى التي تلصق الأحداث الإجرامية بالمسلمين جميعهم، وتحملهم مسؤولية تلك التصرفات الشاذة، مدعية أنها تمثلهم، وبالتالي من غير المجدي محاولة تبرئة الإسلام أو المسلمين منها.. إنها عقدة الخواجة ياسادة!