التيكي تاكا، بحسب الرياضيين، هي التمريرات القصيرة الكثيرة بين أقدام لاعبي كرة القدم. وهي طريقة ممتعة، تجلب الإعجاب، وتفرح الأحباب، وتربك الأغراب.
وفي الكويت تيكي تاكا سياسية. سيناريو هذه التيكي تاكا الكويتية مكتوب بهذه الطريقة: نحن، أعضاء الحكومة، لن نتخلى عن برلماننا الوردي، بل سنحافظ عليه ونلمعه ونطبطب على ظهره، لذا سنعلن تخفيض مخصصات مرافق المريض المُبتعث للعلاج بالخارج، وأنتم، أعضاء البرلمان، تستقبلون الكرة بصدوركم، فتصرخون وتنوحون وتغضبون وترفضون القرار، فنضطر إلى الرضوخ لمطالبكم، فترتفع أسهمكم عند الشعب، ويُعجب الناس بقوتكم الشمشونية، ويرفعون أيديهم بالدعاء لكم في غسق الليل، وتتسع حدقات أعين الصبايا إعجاباً بقوة شخصياتكم، وعنتريتكم، وفريد شوقيتكم، “وهذه هي قمة الإعجاز العلمي”، على رأي اللواء المصري عم عبدالعاطي صاحب اختراع استبدال الإيدز بصباع كفتة… وابتسموا للصورة، چيييز.
والهجمة الثانية كالتالي: نحن سنعلن عدم وجود ميزانية للكورس الصيفي في المعاهد التطبيقية، فتصرخ الكويت عن بكرة حنجرتها، فتكشرون أنتم، يا نوابنا الحلوين، عن أنيابكم الناصعة البياض، وتبرزون أظفاركم المكشوطة بالموني كير، وتبكون بكاء غرائب الإبل، وتقفون على سطح البرلمان، وتهددون بالانتحار قفزاً إن لم توفر الحكومة حليب النوق العصافير، أو ميزانية الكورس الصيفي، فتذعن الحكومة، وتنتهي الهجمة بهدف، وهذه هي قمة التعاون بين المجلسين، وعين الحسود فيها عود.
وغداً سنعلن تخفيض رواتب المواطنين، حرصاً على اقتصاد البلد، فتنهضون أنتم نهضة عسكري مجتهد، وتضربون بأيديكم على الطاولة، وتقسمون بأغلظ الأيمان: “ما لم تتراجع الحكومة عن قرارها، فسنعلن عليها حرباً يهتز لها جناح البعوضة، وتدمع لها عين التمساح”، فنرتعد نحن خوفاً، ونتصبب عرقاً، ونتمتم: “يمّه يمّه”، ونتراجع عن قرارنا، فيحملكم الشعب على الأكتاف، ويرفعكم الناس بأيديهم كما يرفع لاعبو كرة السلة الفائزون بالبطولة مدربهم، ونحتفل جميعاً بدرع الدوري، وتنتشر صوركم على الجدران، بابتساماتكم المائلة، وأيديكم المرفوعة تحية للجماهير، ويموت المعارضون كيداً وحسداً.
المشكلة الوحيدة في التيكي تاكا الكويتية أن كل هجمة منها بهدف، والهجمة سريعة، والهدف سريع، ومن دون خطط دفاعية وهمية، ولا محاولة كشف تسلل، ولا يحزنون. وهو أمر قد لا ينطلي على الناس كلهم. ولو كنت مكان الحكومة والبرلمان، أو لو كنت مكان الحكومة فقط (البرلمان يتبع لها) لأبديت بعض المقاومة الوهمية والدفاع الشكلي، وناقشت وعارضت، وتظاهرت بالغضب والحزن، قبل أن “أذعن لمطالب نواب الشعب”، كي أحبك السيناريو ويصدق الناس. وكل تيكي تاكا وأنتم بخير.