منذ عام 1948 والعرب يسيرون في الطريق المؤدي إلى تحرير فلسطين. وهو طريق طويل ووعر (أنا ممن يرفضون التحول الجنسي للطريق من مذكر إلى مؤنث، إذ مازلت أراه ذكراً ملو هدومه).
أبرز السائرين على الطريق هو عبدالناصر، الذي استطاع، في طريقه إلى تحرير فلسطين، سجن الأدباء والشعراء وكتّاب الرأي والصحافيين والمعارضين والإسلاميين وعشاق التبولة وجمهور نجاة الصغيرة والشيوعيين وجيران عم أحمد الترزي و”الست كايداهم” وجوزها عم حمادة المطهّر، وكل من مر في طريق القائد العظيم عبدالناصر، وهو يحث الخطى مسرعاً إلى فلسطين.
بعد عبدالناصر جاء السادات الذي أكمل مسيرته، وحبس من لم يسعفه الحظ بالحبس في عهد عبدالناصر، فسجن جمهور وردة الجزائرية وعشاق الكوارع وجيران الترزي حنفي، هذه المرة، والداية عزة، غريمة الست كايداهم، وعم فتحي الفكهاني، وكل من جلبه حظه إلى الوقوف على رصيف الطريق إلى فلسطين.
ومن المغرب العربي، حزم القذافي أطناب خيمته وسار على الطريق ذاته، طريق تحرير فلسطين، فسجن خيرة شبان ليبيا، وجوّع أهلهم، وأفقرهم، وعذب كل من وقعت عينه عليه، وجهّل الناس بعضهم ببعض، واختفت الفنون والثقافة والآداب، إلا في ما يختص بعظمته هو، ومسيرته هو، وعقليته هو، وأبنائه طبعاً. فبات الليبي لا يعرف أدباء ليبيا وشعراءها وفنانيها، ولا يعرف مهندسيها ولا أطباءها، ولا أي شيء. لكنه يعرف كل شيء يتعلق بالأخ العقيد، وأبناء الأخ العقيد، وخيمة الأخ العقيد.
وفي طريقه إلى فلسطين، ضم صدام الكويت بين يديه، ومسح خطوط الخريطة، وضحى بالكويتيين، كي يختصر الطريق.
واستطاع جنوده هدم سنترال الصباحية، وإتلاف حديقة الشعب، ونهب جمعية العمرية، وقتل أسرار القبندي، ومحاصرة سكان الفنطاس. واستيقظ الكويتيون الصامدون في بلدهم على شوارعهم خالية من سيارات تويوتا كراون (يبدو أنها ضرورية للطريق إلى فلسطين)، ومخابزهم خالية من الخميرة.
وكي يخدع الإيرانيون قيادات الصهاينة، أوعزوا لحسن نصرالله أن يأمر أتباعه المجاهدين في الكويت بتكديس الأسلحة والخرائط والكمامات، لكنهم انكشفوا لسوء حظهم، وانكشف معهم طريق حزب الله، الذي يبدأ من بيروت ويمر في الديار السورية، وينتهي في الكويت. كانت خطة ماكرة، لولا أن حظ الصهاينة أوقفها.
عموماً لا يأس مع الحياة، لذا قرر العربان، مجتمعين هذه المرة، اختيار قائد العربة التي ستجتاز بهم الطريق الطويل الوعر إلى فلسطين، أحمد أبوالغيط، أميناً عاماً لجامعة دولهم. هانت. ها هي فلسطين تبدو لنا من هناك… شفتوها؟