كم هي كثيرة تلكم الشعارات الإصلاحية التي يرفعها أفراد وجماعات وأحزاب وكتل وتجمعات، يحملها صادقون أحيانا كثيرة، وكاذبون أدعياء في أكثر الأحيان، بل إنك لن تجد أحدا من المفسدين يقر بأنه مفسد وإنما شعارهم المرفوع هو الإصلاح.
وهذه الشعارات الإصلاحية الكاذبة تجدها في جميع المجالات، السياسية وبالأخص الانتخابية منها، والرياضية، والاجتماعية والإعلامية، الكل يدعي الإصلاح ومحاربة الفساد بكل صوره.
والغريب في الأمر أن كثيرا من هؤلاء المفسدين من مدعي الإصلاح قد انكشفت أحوالهم وشعاراتهم الزائفة، إلا أن كثيرا من الناس مازال ينتشي بكل شعار إصلاحي يسمعه أو يراه، وتنسيه نشوته هذه واقعه وتاريخه في التجارب السابقة، ولذلك في مرار كثيرة يكثر أتباع مدعي الإصلاح.
وهنا ننبه على أمور لعلها تفيد المتلقي الكريم:
أولا: الكثرة لا تدل على أن أصحابها على الحق، كما قال جل جلاله (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله).
ثانيا: قلة الاتباع لا تدل على أن الإنسان على غير الصواب، فقد ذكر صلى الله عليه وسلم أنه رأى نبيا وليس معه أحد من الاتباع، ولا يشك مسلم في أن هذا النبي كان على الحق المبين لكن الخلل في قومه الذين لم يتبعوه.
ثالثا: علينا ألا نخدع بشعارات الإصلاح ومحاربة الفساد، فإن أفسد الناس يرددون هذه الشعارات أحيانا، كما ذكر الله تعالى من حال فرعون حين قال عن موسى عليه السلام: (وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه، إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد).
يا سبحان الله.. فرعون يخاف أن ينشر موسى الفساد في قومه، لذلك يسعى لقتله من باب محاربة الفساد والمفسدين، قبح الله قوله.
وكم من الناس يحمل اليوم شعارات فرعون في محاربة الفساد، لاسيما أولئك الذين يحاربون المصلحين ويتهمونهم بالفساد على الطريقة الفرعونية.
وكم رأينا من محارب للحزبية وهو من أشد الناس تحزبا، وكم رأينا من محارب للفساد ثم بان لنا أنه من كبار المفسدين، وكم من مظهر حماية الدين والعقيدة والذب عنهما ثم كشف الله أمره وأظهر جل جلاله محاربته للدين الذي يزعم حمايته..حذار من مثل هذه الشعارات الفرعونية.
والحمد لله رب العالمين.