لسبب أو لآخر، لا تزال غالبية الجماهير الإسلامية، أو على الأقل رجال الدين فيها، لا يميلون لتكفير أعمال تنظيم الدولة الإسلامية، وأقصى ما قاموا به، وإن على استحياء، هو وصف أعمال رجال التنظيم بالوحشية.
ما يسري على «داعش» يسري على الجماعات المتطرفة الأخرى من حركة شباب الصومال أو «بوكو حرام»، التي سبق لرئيسها أبو بكر شيكاو أن درس وأكمل تعليمه في الأزهر، وأطلق على تنظيمه «طالبان نيجيريا»، خصوصاً أنه مكوّن من طلبة تخلوا عن الدراسة.
ويقول الداعية السلفي السوري المعروف عدنان العرعور في مقابلة تلفزيونية إنه يؤمن بان %99 من «الإخوة» في «داعش» أو حتى %99.9 مؤمنون ومخلصون صادقون. وكرر الصفات نفسها ثانية، مضيفا انهم جاءوا من خارج سوريا او من داخلها ليدافعوا عن الدين!
وسبق للأزهر أن اصدر بيانا يوم 11 ديسمبر الماضي ذكر فيه: «تناقلت بعض وسائل الإعلام الإلكترونية عبارات مقتطعة للشيخ إبراهيم صالح الحسيني مفتي نيجيريا من كلمة ألقاها في مؤتمر الأزهر لمواجهة العنف والتطرف، ناسبة إليه أنه أفتى بتكفير تنظيم داعش، وإن هذا غير صحيح. وانه لو حكمنا بكفرهم لصرنا مثلهم ووقعنا في فتنة التكفير، وهو ما لا يمكن لمنهج الأزهر أن يقبله بحال».
وقد أثار البيان في حينه، ولا يزال، جدلاً واسعاً في مصر وغيرها حول موقف الأزهر من قضايا الكفر. وهناك من يتساءل عن مدى تأثير ذلك في صورته في داخل مصر وخارجها. كما وجد البعض في البيان تبرئة لـ«داعش».
أما سعد الدين هلالي، أستاذ الفقه في الأزهر، فقد أيّد في حديثه لقناة ألمانية عربية، بيان الأزهر، ولكنه أبدى تخوفه من أن يستغل بعض السلفيين، الذين يعتبرون أنفسهم أوصياء على الدين، البيان لمصلحتهم، وأن البيان سيكون له تأثير «إيجابي» في صورة «داعش»، ويعتبر تبرئة لساحته الفكرية والدينية، التي قد يستغلها لمصلحته.
ويقول الشيخ الكلباني، وهو من كبار خطباء الحرم «إن «داعش» هو نتاج الصحوة، وهو حركة سلفية، ليست إخوانية او قطبية أو غيرها، بل هم يستدلون بما في كتبنا ومبادئنا، نحن السلف، وبالتالي نحن لا ننقد فكره، بل افعاله..»!
وهكذا نرى ان موضوع صحة مبادئ «داعش» ليس محل جدل، فالراضون عنه أكثر من المخالفين، وهو وإن خفف مؤخرا من ظهوره الإعلامي، بعد ان رأى مدى التأثير السلبي لعملياته الوحشية، فإنه لا يزال يقترف ما يشاء من وحشية.
كما أن هذه المواقف الواضحة لكبار رجال الدين تعطي التنظيم شرعية، وتشجّع المزيد من الشباب الأوروبيين المسلمين الضائعين، على الالتحاق به، والشباب المحليين للاقتداء بمواقفه.