تقطّع قلبي على تركيا، التي افتتحت حكومتها الجسر المعلق الثالث، في إسطنبول، بخجل وصمت، من دون هيصة ولا ليصة ولا زفة فرقة محمد علي. ولا أدري كيف تجرأ الأتراك على افتتاح هذا الجسر المفخرة، إن كانوا يزعمون أنه مفخرة، من دون حضور الفنانة أحلام، بطلّتها البهية، ولا حسين الجسمي، بحسن طالعه، ولا أغانٍ وطنية، ولا ألعاب نارية، ولا أعلام ترفرف في أيادي الجماهير، ولا حضور لمشاهير العالم، كما فعلنا نحن في افتتاح منجزنا العظيم، استاد جابر الدولي لكرة القدم.
وياااه على فرحتنا بافتتاح لفة على الدائري السابع (اللفة هي تفريعة في الشارع الرئيسي). وياه على ابتسامة الوزير، وتزاحم المصورين بهذا المجد (أُغلقت اللفة بعد أيام من افتتاحها). وياااه على فرحتنا بإنجاز جسر الشيراتون، ذي الحارة الواحدة. وياهاااات على إعادة افتتاح الأبراج، بعد الصيانة… أمجاد تطيل الرقاب، وتقتل الذباب.
ويأتي الأتراك بكل بساطة، ليقرأوا خبر افتتاح جسر السلطان سليم (الجسر الثالث) في الصحف والمواقع الإخبارية، ويشاهدوه في نشرات الأخبار، تماماً كما حدث مع نفق مرمراي، الذي يربط بين جزأي إسطنبول، ويمر من تحت مياه مضيق البوسفور، وكما حدث مع بقية المشاريع التركية الكبرى، وكما سيحدث مع المطار الثالث في إسطنبول، الذي سيكون الأكبر في أوروبا، والذي تتفوق فيه الأرقام بعضها على بعض.
واضح من فعاليات الافتتاح أن الحكومة التركية تخجل من مشاريعها، وإلا لماذا لم تفعل مثلنا، وتحضر أحلام والجسمي ونوال والرويشد والبقية؟ ولماذا لم تستنفر تركيا مثلما استنفرنا عن بكرة أبينا والذين خلفونا؟ وماذا يعني الاكتفاء بعبور سيارة تجمع الرئيس ورئيس الوزراء، ويعتبر ذلك افتتاحاً؟
والكتاب يعرف من عنوانه، والمشروع من مدة إنشائه، واستاد جابر استمر بناؤه نحو عشر سنوات، دلالة على عظمته وفخامته، في حين لم يستغرق جسر السلطان سليم سوى أقل من ثلاث سنوات، يعني “ماخدش غلوة”، على رأي المصريين. وانتهوا منه ما بين طرقة شاكوشٍ والتفاتته.
أيها الشعب، ما حدث، في لحظات افتتاح جسر السلطان سليم، يثبت أن من ينافس الكويتيين على المجد لم يُخلق بعد. وهذا الميدان يا حميدان، والجسر بالجسر والمطار بالمطار واللفة باللفة والبادئ أظلم.