أتفق تماما مع ما ذكره النائب الفاضل عبدالله العدواني في مداخلته أثناء النقاش عن تخفيض الحكومة مخصصات المرضى في الخارج وهو ان مرافق المريض هو فعلا مريض.
وأعاد إلى ذهني ما حدث في بداية سنة 1990 أثناء رحلة علاج في العاصمة البريطانية لندن تعرفت أنا وشقيقي على شاب كويتي أتى للندن كمرافق لوالده للعلاج هناك. وكانوا يأتون لشقتنا بعد مراجعات المستشفى وجلسات العلاج للالتقاء مع باقي المرضى الكويتيين هناك الذين كانوا يجتمعون ايضا هناك.
فقط بعد أسبوع واحد من وصولهم تم تشخيص مرض والده أنه سرطان وفي مراحله الأخيرة وأخبره المستشفى أنهم لا يستطيعون عمل شيء لهم سوى بعض العلاج التلطيفي الذي قد يخفف من آلامه في أسابيعه وأشهره الأخيرة. ولكنهم أيضا طلبوا منه التريث في إخباره لكي لا تنتكس حالته اكثر وتتأثر نفسيته ثم يرفض أي نوع من العلاج مما سيجعل أيامه الأخيرة مليئة بالمعاناة والألم الشديد.
تصوروا هذا الحمل الثقيل الذي يحمله هذا الشاب اليافع على كتفيه. مطلوب منه كتمان وحبس مشاعره أمام أبيه الذي يراه يموت أمام عينيه. تعرفت على هذا الشاب لمدة أسبوعين او ثلاثة فقط وأكاد أقسم أنه خلال هذه الفترة زاد عمره أكثر من 10 سنوات.
والكثير من مرضى العلاج في الخارج يبقون في المستشفيات ويذهب مرافقوهم للسكن في شقق غالبا ما تبعد أكثر من ساعة أو حتى ساعتين وذلك بسبب أن أكثر المستشفيات الكبيرة تقع إما في منتصف المدينة والتي تكون أسعار الشقق فيها «نار» أو أنها تكون داخل مدينة طبية عملاقة مترامية الأطراف، فيمضي هذا المرافق من ساعتين إلى ثلاث ساعات من يومه في ذهاب وإياب على مختلف وسائل النقل العام هناك. متحملا المرور او البقاء احيانا في بعض الحارات والشوارع الخطرة. وهي عملية يعرف الجميع أنها متعبة نفسيا وصحيا بل وماديا.
ولأن مرافق المريض لا وقت لديه للطبخ وتجهيز الطعام فهو يأكل أغلب الوقت في المطاعم وهي إن حسبتها خلال شهر واحد تعادل ثروة صغيرة بالكاد يغطيها المصروف اليومي من السفارة.
وكلنا صادفنا وواجهنا المرضى ومرافقيهم من أبناء دول الخليج بل وحتى من بعض الدول العربية. وكلنا عرفنا منهم أن مخصصاتهم هناك تساوي او تزيد عن مخصصات المرضى الكويتيين. لذلك سيكون أمرا مخجلا ومثيرا للحزن عندما يقارن المريض ومرافقه الكويتي نفسهما بنظرائهما الخليجيين والعرب فيجدون أنفسهم أقل منهم بكثير.
نعم هناك بعض حالات العلاج في الخارج الوهمية، ونعم هناك من يستغل مرافقة المريض للسياحة. لكن الأغلبية الساحقة منهم ناس لديهم أمراض حقيقية ومستعصية ومرافقوهم تركوا عائلاتهم وأعمالهم لكي يكونوا عونا لهم في رحلة العلاج تلك.
نقطة أخيرة: المواطن الكويتي (شايف خير) ودخله الشهري مرتفع ويستطيع السياحة في أي بلد في العالم وليس بحاجة إلى وزارة الصحة لترسله للسياحة، لذلك فأغلب مرضى العلاج في الخارج هم مرضى حقيقيون ومرافقوهم يستحقون الدعم والتشجيع لا الخصم وإلغاء المخصصات.
آخر مقالات الكاتب:
- الإستجواب الغير مستحق
- أمنية من أهالي «عبدالله المبارك» لعناية وزير الأوقاف
- لا والله إلا شدو البدو يا حسين
- درس كبير في السياسة من صاحب السمو
- 2017 قررت أن أكون سعيداً
- بديت أشك في الوسادة
- توظف 8000 كويتي وتربح سنويا 200 مليون..لماذا تخصخصها وتفككها؟!
- مرحبا بملك السعودية التي هي سندنا يوم غيرنا مالقي له سند.
- إخضاع عمليات السمنة في «الخاص» لرقابة أقوى
- انتهت انتخاباتكم تعالوا نرجع وطناً