بلغت ميزانية العلاج في الخارج أكثر من 400 مليون دينار لسنة 2014 فقط. وقد تحول هذا النوع من العلاج إلى شكل من أشكال الرشوة السياسية، حيث اتضح أن 60 في المئة من المستفيدين منه، أو 6500 شخص من أصل 11 ألفاً، هم من غير المستحقين، حسب ديوان المحاسبة.
وعندما تأتي مثل هذه الأرقام المفزعة في تقرير ديوان المحاسبة، ولا يتم إصلاحها، فإنها تدل على ثلاثة احتمالات؛ إما أن المسؤول لا يقرأ تقرير “المحاسبة” الكاشف للمأساة، أو أن ذلك سياسة مقصودة من أدوات تأثير السلطة على النواب وشراء الذمم، أو أنه ليست هناك قدرة على التعامل مع المشكلة.
بل “إن قضية العلاج في الخارج دليل قاطع على فشل الخدمات الصحية في الداخل، رغم أن تكلفتها من أعلى معدلات العالم، وميزانية العلاج بالخارج تكفي موازنة كاملة لدولة فقيرة بحجم الكويت سكاناً ومساحة، وتعادل 11 في المئة من حجم كل نفقات ميزانية الكويت في السنة المالية 1999/2000، وهو بند موثق للإرشاء والارتشاء، معظمها سياحة صيفية، وأقل المستفيدين منها هم مستحقوها… وهي رشوة يشتري فيها الوزير بقاءه، ويقدمها للنائب أو النافذ الفاسد ثم يقدمها النائب للناخب، ليكتمل تزوير التمثيل والقدرة على الإدارة السليمة، والبديل هو دراسة مبررات فشل علاج الداخل، وتوحيد سلطة الابتعاث وعزل القرار السياسي عنها تماماً، وتركها للفنيين تُقدَّم لهم تقارير حالات من دون أسماء، ويُفترَض أن تكون حالات قليلة”، حسب تقرير الشال الأخير.
ليس هناك جديد في قضية العلاج في الخارج، إلا أنها هذه المرة جاءت في وسط “نوايا” حكومية لتقليص و”ترشيد” الإنفاق بسبب تدهور أسعار النفط، وهذا مؤشر على نمط التفكير في كيفية الإصلاح، والفرق هنا أن “العلاج في الخارج” هي مسألة مكشوفة، ويصعب إخفاؤها، لأن المستفيدين غير المستحقين تعج بهم شوارع العواصم الأوروبية، بينما يتم رفض المستحقين الذين يعانون الأمرين، ولكن ليس لديهم واسطة.
إذاً مشكلة العلاج في الخارج هي علاج الداخل، وهذا أمر مشكوك في إمكانية علاجه، حيث إن المطلوب منهم إصلاح الأمر هم ذاتهم منغمسون حتى النخاع في آلية العلاج بالخارج، وهي قضية مكررة في مجالات أخرى. فلا علاج للخارج إلا بعلاج الداخل.