للأسف مازال تويتر متخلفاً. مازال عاجزاً عن اختراع ميزة “استدعاء ولي أمر الصحافي المعتق الذي لا يملك الحد الأدنى من اللغة، رغم كل هذه السنوات التي تنقّل فيها بين الكلمة والحرف”. مازال تويتر، من دون أدنى مسؤولية، ينشر تغريدات جهابذة الصحافة، الذين كنا نراهم على ارتفاع ثلاثين ألف قدم، فإذا هم من الزواحف التي تكتب “اتفقت الحكوماة العربيه” و”علا منظمت الأومم المتحده أن تصدر بيان…”.
ولست هنا حزيناً على اللغة، فلا أنا من عباقرتها، ولا من ورثة سيبويه ولا المبرد ولا ابن عقيل، ولا تربطني بهم جيرة ولا قرابة. أنا حزين على صحافتنا. حزين على الصور القديمة لبعض صحافيينا.
ولو كنت في مكان إحدى هذه “الحكوماة”، لراسلت تويتر: “نحن لا نريد منكم إعطاءنا عنوان المغرد الذي هاجمنا أو شتمنا، نحن نطلب إغلاق حساب بعض الصحافيين المعتقين، كي نحفظ لهم ما تبقى من صورهم وأسمائهم”.
ولا أتمنى شيئاً كما أتمنى رؤية وجهي الأستاذين القديرين، عاشقي اللغة، وأبرز دافعي مهرها وضرائبها في الكويت؛ صالح الشايجي وأحمد الديين، عند قراءتهما تغريدات بعض مخضرمي الصحافة وهم يكتبون مثل هذه الشخابيط.
سيمشي صالح الشايجي في الطرقات، كعادته، وهو يتمتم بكلمات لا يسمعها أحد، لكنها تحمل في ثناياها كل مفردات الغضب والقهر والحزن على ما جرى ويجري لحروف الجر والتاء المربوطة. وسيتذكر أيام مجدها وهيبتها، وسيجلس في أقرب مقهى في الطريق، وسيبكي بكاء الخلوج.
أما أحمد الديين فسيحتقن وجهه، وسيرفع صوته وهو يتمسك، بأقصى طاقته، بآخر رصيده من الصبر، ويضرب على الطاولة بقبضة يده: “هذا تعد واضح وظلم فاضح”، ويعقد ندوة.
وتويتر مثل المواقف، كشف لنا حقائق الأمور. ليته لم يكشفها.