فشل “نابليون” في غزو روسيا عام 1812م ، لعدم تحسبه لقسوة الشتاء الروسي الذي أهلك الجيش ، كان عدد الجيش الفرنسي الذي غزا روسيا (600) ألف جندي وفي العودة لم يتبقى منهم سوى (100) ألف فقط !
كرر هذا الخطأ مرة أخرى بعد مئة عام تقريبا الألمان ، عندما غزو الألمان الإتحاد السوفيتي عام 1945 ووصلوا إلى مشارف “موسكو” وفرضوا سيطرتهم على شرق الإتحاد السوفيتي ، وكرر “هتلر” نفس الخطأ الذي إرتكبه “نابليون” عدم تحسبه لفصل الشتاء حتى بدء السوفيت بتكبيد الألمان خسائر هائلة ، وطاردوهم حتى سقوط “برلين” !
أخطاء لن تغتفر .. والتاريخ لن يرحم أحداً ، خصوصاً إذا كان هذا الخطأ يودي بأرواح الأبرياء للتهلكه ، فالقرار المنفرد لمصير الأمم قرار معيب وخاطيء ، والتاريخ يذكر لنا الكثير من هذه القرارات والهيمنة السلطوية على الأمم !
التاريخ يركز كثيراً على أخطاء السلطة ، هناك أيضاً أخطاء لن تغتفر للشعوب والأمم ، فالمسئولية مشتركة .
في إحدى الليالي عام 1696 أوى الخباز البريطاني “جوفينز” إلى فراشه ولكنه نسي إطفاء شعلة صغيرة بقيت في فرنه ، وقد أدى هذا الخطأ إلى إشتعال منزله ثم منزل جيرانه ثم الحارات المجاورة حتى إحترقت نصف “لندن” ومات الآلاف من سكانها فيما أصبح يعرف بالحريق “الكبير” !
نحن أيضاً لن يرحمنا التاريخ ، ولكنه سيختصر الكلام كثيراً وسيقول أن هناك أمة صغيرة ، عاشت بخير ونعمة من الله ولكنها نسيت أن تطفيء تلك الشعلة الصغيرة حتى أوشكت على أن تحترق ، وأصبحت تكرر ما فعله “نابليون”و “هتلر” ولم يحتسبوا لشتاء الروس المميت وكرروا نفس الخطأ ، ولم يحتسبوا أخطاء الغير ليتعلموا الدرس وينقذوا شعوبهم من هذا الوباء !
ألا نرى .. ألا ندرك هذا الخطر من حولنا ، “الفتنة” إنتشرت في مدارسنا وبين أبناءنا وفي الوزارات وإدارات الدولة ، وحتى بين كبار المسئولين ، وتحت قبة البرلمان ، ألا يوجد بيننا العقلاء والحكماء ، نحن في الكويت شيعة وسنة فقط ، مصيرنا مشترك ، يجمعنا الحب ، ولا يفرقنا إلا الموت ، نفرح لبعضنا ونحزن بيننا ، ولم نكن يوماً دعاةً للفتنة ، نتدخل في شئون الدول الكبيرة من حولنا ونحلل أوضاعهم ، وندعم ونشجع فئة على فئة أخرى ، بجهل أو بعلم ، نعقد الندوات والمؤتمرات ونجمع الأموال ونرسلها ولا نعرف أننا نشاركهم بإراقة دماء المسلمين ، فكلا الحالتين ستدرمرنا هذه الفتنة ، ولم لا نعقد الندوات للحديث عن الوحدة وعن المصير المشترك وعن الإخاء والترابط في وطننا ؟
هناك من يريد تلك الشعلة الصغيرة أن تكبر وتحرقنا جميعاً ، فالعراق وسوريا لم يرحمهم التاريخ في الماضي ولن يرحمهم مستقبلاً .
سيقول التاريخ .. دولة صغيرة في حجمها ، حديثة في تاريخها ، عريقة في شعبها ، كريمة في عطائها ، شامخة في ترابطها .. ولكنها إحترقت من شعلة صغير .
والله المستعان ..