عندما يتعلق الأمر بالأخلاق، ابتعد عن التكسب والرياء، وهذا ما أنصح به نواب البرلمان عندما يثيرون قضايا أخلاقية ومحاصرتها بتشريعات يظنون أنهم من خلالها يحلون المشكلة، بينما في الحقيقة هم يوقفون النزيف ليس أكثر… لكن الجرح غائر. فكثير من العلاجات اثيرت أخيراً، كلائحة الزي المحتشم في جامعة الكويت، والهجوم على المقاهي المختلطة، وتفعيل «الشرطة المجتمعية» أخيراً، كل ذلك يدل على أن المجتمع يعاني من مشكلة، ويظن النواب أنهم بهذا الصراخ وهذه التشريعات يستجيبون لمعاناة المجتمع.
هناك تجربتان عربيتان بارزتان في مأسسة التنمية الأسرية ورعاية المستوى الأخلاقي في المجتمع، المجلس الوطني للأسرة في الأردن وهيئة لشؤون الأسرة في سورية –فرج الله عنها- حيث قدما مثالاً رائعاً لاهتمام الحكومات وإيمانها بأهمية البعد الأخلاقي في استقرار وإنتاجية المواطن، ولكن هنا نطرح السؤال: هل إنشاء المؤسسات الإصلاحية وتشريع قوانين مماثلة… سواء من البرلمان أو من الحكومة، أثبت نجاحه؟، القضية الأخلاقية أكبر من أن يقيدها قانون، لأنه باختصار الأخلاق شيء يصعب إثباته، ويصعب تقييده، فهو قيمة إنسانية أكثر منه سلوكاً.
إن إطفاء اللمبة الحمراء لا يعني أن الظواهر السلبية اختفت، بل قد تكون اختفت عن العين في الظلام… ليس أكثر، وكل ممنوع مرغوب. إن الدعم الحكومي والبرلماني بذرة لعلاج هذه الظواهر، ودعمهما مطلوب، لكن القضية أكبر من إقفال مقهى أو اثنين، أو مراقبة لباس بنات الجامعة. لا بد من مجلس وطني «اختصاصي» لا سياسي ولا أمني، ولابد من الدفع بالقضية الأخلاقية إلى سلم الأولويات فإذا شعر المواطن بحرص الدولة، سيعمد إلى تتبع أوامرها. نحن لا نريد تجارب «حسبة» فاشلة، نحن نريد علاج القضية الأخلاقية من العروق، فلا نركنها إلى المتطرفين ضرّابي النساء فنكره بسببهم الإصلاح، ولا إلى المرتزقة السياسيين الذين لا يهمهم سوى التكسب من القضية الأخلاقية ولو على حساب فساد المجتمع أكثر وأكثر. نحتاج إلى ثورة أخلاقية حكومية وتطوعية، فإذا تهاونا في الأخلاق، ذهبت وذهبنا… كما قال أحمد شوقي.