كشفت إجابة نائب رئيس الوزراء ووزير المالية أنس الصالح على السؤال البرلماني المقدم من النائب الحريجي، نوايا الحكومة لترشيد الإنفاق العام، واعتمدت الحكومة في دراستها على تقسيم الأسر الكويتية الي أربع شرائح، الشريحة الأولى هي الأسر التي يبدأ دخلها الشهري من (0 ـ 1499) د.ك، وهي حوالي 22200 أسرة وتشكل 12% من الأسر الكويتية وهي الشريحة المحمية من الترشيد على حد قول معالي الوزير.
بداية ـ رغم تحفظي على الدراسة التي لم توضح الأساس الذي اعتمدته لقياس دخل الأسرة الكويتية، إلا أن ما يهمني هو الأسر التي سيتعدى دخلها الشهري هامش الـ 1500 د.ك ولو بدينار واحد والتي ستشملها خطة الترشيد.
الخطأ الكبير الذي ستقع فيه الحكومة هو معيار احتساب دخل الأسرة على أساس رقم محدد للدخل دون اعتبار لعدد أفراد الأسرة.
كان الأجدر في الحكومة وقبل اتخاذها سياسات الترشيد أن تعمل على تحديد مفهوم «الدخل المحدود» للفرد الكويتي داخل الأسرة، بحيث يكفل الحد الأدنى لرفاهية المواطن، وليكون هو المعيار عند اتخاذ سياسات اقتصادية جديدة.
فلو افترضنا أن الحد الأدنى لنصيب الفرد داخل الأسرة الكويتية والذي يضمن له الرفاهية التي نص عليها الدستور الكويتي هو «500» د.ك، عندها يجب ان يتغير المفهوم الحكومي للأسر ذات الدخل المحدود ليكون الأسرة ذات الدخل الشهري الذي لا يتجاوز الـ 1499 د.ك، او الأسرة التي يقل نصيب الفرد فيها من الدخل الشهري عن 500 د.ك.
من الواجب على الحكومة وقبل ان تباشر في سياساتها المالية المتقشفة، ان تقوم ببعض الإجراءات الضرورية لسد عجز الميزانية ومنها:
مكافحة الفساد المالي ـ تحرير سوق المناقصات الكبرى لتدخلها الشركات الكبرى مباشرة ودون وكيل وطني يزيد من تكلفتها على حساب المالية العامة ـ وقف الهدر المالي ـ تقليص المساعدات الخارجية ـ فرض ضرائب محدودة على الشركات ـ زيادة رسوم الكهرباء على العقار التجاري وبنسبة اقل على العقار الاستثماري.
الخلاصة: هل المالية العامة في أزمة حقيقية دائمة او أزمة مؤقتة بسبب تدني أسعار البترول مؤقتا، الحقيقة أن الأمر لا يتعدى كونه مؤقتا، وبإمكان الدولة التعايش معه عن طريق الاقتراض لفترة زمنية قصيرة حتى عودة أسعار البترول للارتفاع ولن يؤثر ذلك على متانة الدولة ماليا ولا على معيشة المواطن ولنا في حقبة التسعينيات من القرن الماضي عبرة، فقد وصل سعر البترول لـ 9 دولارات ومع ذلك شهدت دول الخليج أكبر طفرة تنموية معتمدة على الاحتياطيات العامة والقروض، ولأن سياسات التقشف وشد الحزام لا تتخذ إلا إذا شارف البترول على الخلاص في أجيال قادمة!