أنتظر بقلق في هذه اللحظة نتيجة الحكم في قضية المتهم محمد خالد العجمي (أبو عسم)، الذي يحاكم في قضية رأي بتغريدة محورها الإساءة للعلاقة مع دولة صديقة، وهو نص غريب ومعه كثير من النصوص الجزائية التي لا تجد لها نظيراً إلا في مدونات قوانين الدول القمعية من شاكلة دولنا العربية. اتفقت معه البارحة على أنه سيبعث لي برسالة تلفونية يخبرني بالحكم، كان متفائلاً، بحكم عادته المنفتحة وببساطته مع الآخرين، تلك البساطة لا تعني السذاجة واللامبالاة، بالعكس، هي تمثل التزاماً أصيلاً منه بمبدأ حرية وقدسية الكلمة، التي هوت للقاع تماماً في السنوات الأخيرة.
أبو عسم ومثله عدد من أبنائنا وبناتنا، لم يطيقوا الأغلال التي شرعتها السلطة بحكومتها ومجلسها وبسلبية الكثيرين، بهدف تدجينهم وترويضهم على الطاعة، كي يصبحوا رقماً من أرقام القطيع، فتمت مطاردتهم بالملاحقات القانونية والمحاكمات اللامنتهية، بعضهم خرج هارباً من القبيلة الكويتية باحثاً عن الحرية في دول تحترم الضمير وحرية الكلمة، وآخرون يقبعون في السجون وأبرزهم النائب السابق مسلم البراك، ويظل غيرهم مثل “أبو عسم” يترددون بين الفترة والأخرى على مكاتب التحقيق في أمن الدولة أو النيابة وقاعات قصر العدل، وقراءة بسيطة لتقرير منظمة العفو الدولية نشرته هذه الجريدة عن وضع الكويت في سلم الحريات يخبرنا بمدى الرداءة التي نحيا بها اليوم.
ليس من المقبول أن يتعذر السائرون تحت ظلال حوائط السلطة بحجج المهادنة، مثل أن هؤلاء المشاغبين قد خالفوا القانون وانتهكوا نصوصه، فلم نجزع حين تطبق عليهم نصوصه! مثل هذا الرأي لا يسأل أصحابه أنفسهم ما إذا كانت تلك القوانين منصفة أم ظالمة؟ وهل نهج تطبيقها وتفسيرها يتم بحيدة وإنصاف؟ وما إذا كان تشريعها والصمت عنها الذي تم عبر مجالس نيابية متعاقبة غلب على بعضها نبرة المعارضة يعني أنها غير جائرة؟!
مثل تلك الأسئلة لا تثير هواجس القلق ولا توقظ الإحساس بالغير عند جماعات “مو ناقصنا شي”، فهم يتناسون بالتالي أن ما حدث “للمشاغبين” قد يحدث لهم، ولأي واحد من أسرهم في زمن قادم، فحكمة “أكلت يوم أكل الثور الأبيض” غائبة عنهم.
أيا يكن الحكم على “أبو عسم”، يهمنا أن نعرف أن القضية التي يحاكم من أجلها ليست قضيته وحده إنما هي قضية كل إنسان حر يؤمن بأن له الحق في الكلام، مؤكداً هويته الإنسانية ووجوده في زمن أغبر.