نصرة المسلمين واجبة على الجميع، انطلاقاً من مبادئ الشرع المقدس والأخلاقيات الإنسانية، ومعايير حقوق البشر، كما أقرتها الاتفاقيات الدولية وبإرادة المجتمع الدولي، ليس الآن إنما على مدى قرون متتالية من الزمن، ولذا عندما تتصدى جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمات العفو الدولية لحماية كرامة الإنسان وصون حقوقه، فإنها تلغي كل ارتباط بالفرد وخلفيته العرقية وانتمائه الديني، حتى تبعيته الجغرافية في المواطنة، بل تشترط هذه المنظمات أن يكون نشطاؤها من دول أخرى ومن انتماءات فكرية ودينية مختلفة عمن يدافعون عنهم حتى يكون هذا الدفاع حيادياً ومنصفاً وتكون دوافعه إنسانية بحتة.
البدعة الجديدة التي يحاول البعض الترويج لها تحت غطاء طائفي تفتقر إلى هذا الحس الإنساني، بل هي بعيدة عن أصول وتعليمات ديننا الحنيف الذي يؤكد المساواة والعدالة بين البشر وحفظ كرامتهم وصون أرواحهم وأعراضهم وممتلكاتهم، ولذا فإن العناوين المثيرة لنصرة هذه الطائفة أو تلك هي تأكيد للحالة المذهبية وتأجيجها والحفاظ عليها لأنها الموجة الوحيدة التي تضمن التسلق على عواطف الناس ومشاعرهم.
لكن عندما يتحول الأمر إلى دجل سياسي فهذه مأساة أخرى، وآخر هذه الأكاذيب الادعاء بأن من غزا الكويت في 2/ 8/ 1990 هم الشيعة وليس صدام وزمرته البعثية! هذا المنطق الأعوج يؤكد مقولة “إذا لم تستح فافعل ما شئت”، ولكن بغلاف ديني مسيس، ومن منطلق متبنيات البعض الفكرية وعقدهم النفسية، فصدام حسين الذي حارب إيران كان في نظر هؤلاء فارساً سنياً، لكنه نفسه بمجرد عدوانه على الكويت تحول إلى شيعي متعصب رغم أنه استباح دماء جميع الكويتيين، ووفق هذا التحليل السخيف يخشى أن يتحفنا مروجو هذا الادعاء بأن التهديدات العراقية ضد الكويت منذ عهد العثمانيين مروراً بالملك غازي ونوري السعيد وعبدالكريم قاسم وانتهاءً بصدام حسين كانت جميعاً تحت غطاء شيعي ولربما فارسي صفوي!
إن الإحصاءات والأرقام وتسلسل الأحداث عبر العالم الإسلامي من أفغانستان حتى شمال إفريقيا ووسطها وثقت مجازر الجماعات الدينية التكفيرية بحق الإخوة السنّة بأعداد تضاهي أضعاف ضحاياهم من الشيعة، فقد نحر هؤلاء المجرمون رقاب الأكراد والعرب والمسلمين والمسيحيين والأزيديين، وحرقوا البشر وهم أحياء، بل حتى جزوا رؤوس إخوانهم وآبائهم وأمهاتهم دونما أن تهتز شعرة في أبدان المتباكين كذباً على المسلمين، في مقابل الدفاع المستميت عن هؤلاء القتلة إذا ما تعرضوا للاعتقال أو الاستهداف.
إن المحاولات البائسة لإثارة الطائفية وبأثر رجعي، قد كشفت إفلاس المحرضين على الطائفية الراهنة من النجاح في مخططاتهم، لأنهم “كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ”!