اتفقت إيران مع الشيطان الأكبر، الذي أصبح منذ يوم أمس الملاك الأكبر، على إلغاء العقوبات المفروضة عليها منذ عدة سنوات، بعد أن رأى كلا الطرفين أن مصلحته تستلزم ذلك، وكان واضحاً للمراقبين أن هذا الاتفاق جاء على حساب مبادئ الثورة الخمينية، فالموت لأميركا والموت لإسرائيل شعار اُستهلك لعدة سنوات، فلا أميركا ماتت ولا إسرائيل! وفي المقابل، ها هي أميركا حامية الديموقراطيات في العالم تتفق مع نظام تخصص في السنوات الأخيرة بالاعتداء على جيرانه وانتهاك سيادتهم على أراضيهم، وممارسة جميع أنواع البطش والتنكيل في خصومهم، ويأتي أوباما ليلقي خطابا في الكونغرس، يؤكد فيه أهمية الاتفاق مع هذا النظام، لأن مصلحة أميركا وإسرائيل تستلزم ذلك، وشاهد العالم كيف وافق الكونغرس بحزبيه الخصمين اللدودين على هذا الاتفاق، الذي يتناقض مع مبادئ الولايات المتحدة، لأن المصلحة تستلزم ذلك أحياناً!
هذا في الخارج.. ولكن عندنا يلتقي التسعة الخارجون عن الشعور العام للمجتمع ببعض الرموز القيادية بالدولة و«يطيح الحطب»، ويتم التصالح بعد الفضيحة التي تكشفت بانسحابهم من الجلسة، والتي أثبتت أن الولاءات مشكوك فيها! وأن أمن البلد واستقراره لا يعني لهم شيئاً!
استوقفني مقالٌ لأحد الزملاء، برر فيه انزعاج طائفته من الغبن والظلم الذي يشعرون به، ومع أننا ضد انتقاص حقوق المواطنين أو التمييز بينهم، فإننا نعتقد أن تدخل إيران السافر في شؤوننا الداخلية وزعزعة استقرارنا، وفي المقابل لا نسمع أو نرى تنديداً ولا رفضاً لهذه التصرفات والتحرشات الإيرانية، بل نرى أحياناً تبريراً وإشادة بهذه الدولة، التي أرغمها الغرب على التراجع عن شعاراتها الثورية! كل ذلك يجعلنا نشعر بالتوجس والخوف والحذر، ولكن الظلم يظل ظلماً، ويجب أن يُرفع!
ولو أخذنا بمبدأ الزميل في مقالته، لكان الأولى بالتحلطم والتذمر من الظلم هو التيار الإسلامي المحسوب على الإخوان المسلمين في الكويت، حيث يتم إلغاء المناصب لرموزهم بسبب الانتماء السياسي أو الفكري، ويتم التضييق عليهم في أرزاقهم بسبب الهوية السياسية، حتى جيء بوزير علماني لإدارة وزارة الأوقاف فقط للتنكيل بالمنتمين لهذا التيار، والغريب أننا نسمع التهليل والتأييد ممن يدعون حماية حقوق الإنسان!
التيار الإسلامي ولاؤه للكويت نظاماً وشعباً، ولم يؤيد ظالماً فتك بجيرانه، ولم يبرر ظلماً مارسه غيره، وهنا الفرق!