قرار د.سمير جعجع رئيس القوات اللبنانية بترشيح العماد ميشال عون ضمن الظروف الحالية صائب جدا، ويأتي رد فعل على الخطأ الجسيم للرئيس سعد الحريري بترشيحه سليمان فرنجية دون مشاورة حلفائه المسيحيين كالدكتور جعجع والرئيس الجميل ما أحرجهم أمام اتباعهم وأمام الشارع المسيحي وأظهرهم بمظهر الضعف مقابل دور القوة المارونية الذي يلعبه الجنرال عون.
***
وسبق للرئيس سعد الحريري أن ارتكب أخطاء سياسية لا تغتفر منها تبرئة القيادة السورية من دم والده وزيارته لدمشق، دون أن يحصل على شيء بالمقابل ورغم عدم صحة تلك التبرئة التي لا تقول بها التحقيقات الدولية، وفي مايو 2008 سمح الحريري باجتياح بيروت الغربية بحجة إظهار أن سلاح حزب الله يستخدم بالداخل اللبناني وليس مختصا بالمقاومة بينما لم يسمح حليفه جنبلاط باجتياح الجبل، وكان الحريري قادرا على المثل ومنع سقوط بيروت لو استقدم السلاح والرجال من الشمال، وأظهر الحريري عدم اجادته لأبسط مبادئ اللعبة السياسية عندما حصل على الأغلبية البرلمانية بعد مقتل والده، فلم يفعل بها شيئا وتم التغرير به عبر ما سمي بـ«الديموقراطية التوافقية» التي تخلى عنها رافعو شعاراتها عندما حصلوا على الأغلبية البرلمانية فأخرجوا الحريري من رئاسة الحكومة.
***
وانفراد الحريري بترشيح فرنجية خطأ كوارثي آخر في مسيرة أخطائه الكبرى، ففي البدء كانت أمامه عدة خيارات صائبة، منها التمسك بترشح د.جعجع خاصة أن الملامة بالشارع اللبناني والماروني تقع على الفريق الآخر المقاطع لجلسات انتخاب الرئاسة، والخيار الآخر بعد التشاور مع جعجع والجميل هو ترشيح شخصية مارونية محايدة، والخيار الثالث الصائب بعد التشاور وموافقة حليفيه المارونيين هو عبر دعم المرشح ميشال عون لأكثر من سبب بديهي ومنطقي، فعون يملك كتلة من 27 نائبا وهو عدد كفيل مع دعم نواب 14 آذار بتوفير النصاب وتوصيله للرئاسة، بينما لا يملك فرنجية إلا 6 نواب لذا فترشيحه لا يوصل لشيء ولا يمنح الحريري دور «صانع الملك»، وعون ليس في جيب الرئيس بشار الأسد وكان يعتزم كما اعلن أن يمنح رئاسة حكومته لسعد الحريري كما أعطاه الأمن حال وصوله إلى لبنان من باريس، ولم يعرف عن عون عداء تاريخي مع الحريري الأب بعكس سليمان فرنجية الذي كان يسمي الشهيد رفيق الحريري بـ«ثعبان قريطم»، وكان وزيرا للداخلية إبان مقتله وهذا يعني الشيء الكثير، كما أن وصوله للرئاسة لم يصاحبه تعهد معلن باختيار الحريري لرئاسة الحكومة والأرجح أنه كان سيصبح قريبا من سياسة الرئيس اميل لحود في عدائه للحريري الأب.
***
آخر محطة: (1) د.سمير جعجع والرئيس سعد الحريري مستهدفان بالاغتيال وإن كان الوضع أكثر خطورة على جعجع، فالحريري لن يجد خصومة أفضل من اجتهاداته الخاطئة لخدمتهم، ومع ذلك بقي جعجع في لبنان حيث وضع له مقرا في معراب وأحاطه بالحراسة المشددة واصبح متصلا بشكل يومي بالساسة والإعلاميين اللبنانيين والأجانب الذين يقومون بزيارته حاله حال عون وجنبلاط وبري والجميل، بينما توجه الحريري إلى باريس وهذا خطأ جسيم آخر حيث توقفت اللقاءات الشخصية واليومية مع حلفائه وأصدقائه وحتى أعدائه ولم يتذكر الحريري أن الزعيمين ريمون إده وميشال عون لم ينجزا أو يحققا شيئا إبان وجودهما في باريس.. على الحريري العودة السريعة للبنان قبل غرق مركب 14 آذار!
(2) الرئيس سعد الحريري هو الوحيد من الزعامات اللبنانية الذي يرضى بقيام المظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات المدمرة للاقتصاد في مناطق أنصاره ما تسبب في قطع أرزاق الكثير منهم وكان دعمه للجنرال عون ـ لا سليمان فرنجية ـ سيحد من ذلك الضرر.
(3) لربما أراد الحريري ضمن اجتهاداته الخاطئة المعتادة شق صفوف قوى 8 آذار عبر ترشيحه لسليمان فرنجية فانتهى الأمر بشق صفوف قوى 14 آذار، والحقيقة أن شق 8 آذار كان سيحدث لربما لو رشح الحريري العماد عون لقوته واستقلاليته بعكس ترشيحه لفرنجية، يتبقى سؤال أخير هل لدى الرئيس الحريري مستشارون سياسيون وهل يستمع لهم وهل لديه نية لاستبدالهم؟!