من لوس انجلوس غربا الى إندونيسيا شرقا مرورا بباريس وبروكسل وإسطنبول وسورية والعراق ومصر وليبيا واليمن.. الخ، تقع جرائم قتل جماعي نكراء تنتهي في الاغلب بقتل الفاعلين أنفسهم بأكثر من طريقة، ومن دون أسباب معروفة أو مفهومة. فرغم انتساب المجرمين الى تنظيمات تدعي الإسلام المتشدد والمتطرف مثل «داعش» والقاعدة، فإن أغلب الفاعلين لا تظهر سيرهم الذاتية تدينهم، فضلا عن تشددهم في الدين، كما أن الاسلام، الذي يقتلون وينتحرون باسمه، يتوعد القتلة والمنتحرين كحالهم بلقاء مالك خازن النار والأكل من شجرة الزقوم في جهنم، وليس الترحيب بهم من قبل 72 حورية بالجنة.
***
ولأن ظاهرة القتل الجماعي بهذا الكم والحجم غير مسبوقة في التاريخ البشري، وكونها متكررة ومستمرة لأجل غير مسمى، كما انها قادمة من شعوب كالعرب معروف عنهم حب الحياة لا عشق الانتحار في الدنيا والنار في الآخرة، فالمنطق السليم يطرح قضية ما إذا كان الفاعلون قد تعرضوا لعمليات غسيل أدمغة وتلاعب بالعقول تبرمجهم على كراهية الآخرين (مسلمين وغير مسلمين، سنة وغير سنة) وتجعلهم يذهبون الى القتل بعقول مغيبة ومشاعر مجمدة وتستمر عملية البرمجة لقتل وتدمير الذات في نهاية العملية.
***
بدأ إطلاق مصطلح غسيل الأدمغة Brain Wash والتلاعب والتحكم بالعقول MIND CONTROL في العالم الغربي أواخر عام 1950 مع بدء الحرب الكورية وسقوط أسرى اميركان بيد الكوريين والصينيين الذين قيل انهم رحلوهم الى منشوريا، حيث يقوم أطباء وخبراء روس بعمليات غسيل ادمغة البعض منهم وتحويلهم الى اعداء وجواسيس ضد اوطانهم، وقد كتب في تلك الفترة ريتشارد كوندون روايته الشهيرة «المرشح المنشوري» The Manchyrian Candidate التي حولتها هوليوود الى افلام عامي 1962 و2004 وفي الفيلم الاخير استبدلت الحرب الكورية بحرب تحرير الكويت وجعلت الاسير الذي غسلت مخه منظمة اميركية تدعى «منشوريا غلوبل» يصل الى الترشح للرئاسة الأميركية، وقد سمى البعض المرشح الجمهوري جون ماكين الذي ترشح عام 2008 ضد اوباما بـ «المرشح المنشوري» كونه كان أسيرا في فيتنام الشمالية!
***
وعمليات القتل الجماعي غير المبررة التي تنتهي في الاغلب بانتحار او مقتل الفاعلين لا تقتصر على ارهابيي «داعش» وقبلهم القاعدة، ففي العام 2011 قام الشاب النرويجي انديري بريفيك، وهو ابن ديبلوماسي عاش في باريس، بعملية اعتبرت أكبر عملية قتل جماعي في التاريخ يقوم بها فرد، وفي مايو 2014 قام ايليوت روجر المولود في لندن من اب انجليزي وأم ماليزية قبل انتقاله وابيه وزوجة ابيه المغربية، بتسجيل فيلم يتحدث فيه بهدوء شديد عن انه سيخرج لقتل الآخرين وان اليوم سينتهي بقتله، وهو تماما ما تم، حيث قتل العشرات في الشوارع والمحلات وتم قتله، ولا يظهر الشريط اي غضب او شعور بالذنب، وذلك الحادث شبيه بعشرات الحوادث المماثلة التي حدثت في المدارس والجامعات والثكنات العسكرية الأميركية، والتي ذهب ضحيتها الآلاف بالمجموع، وتتم محاولة إلقاء اللوم فيها دائما على السلاح لا على حامله.
***
آخر محطة:
(1) ما لم تعرف أسرار وخفايا وكيفية تلاعب تنظيم داعش وغيره بعقول الآخرين لدفعهم الى ارتكاب عمليات القتل الجماعي MASS MURDERS فسيشهد عام 2016 وما بعده كثيرا من عمليات القتل الجماعي المروعة، وسيكون مكان ارتكاب الجرائم خريطة العالم أجمع والمساجد وأماكن العبادة فيها.
(2) لا يمكن لـ «داعش»، وغيره مثل القاعدة، أن يملك وحده ما يلزم من أطباء نفسيين وخبراء استخبارات للنجاح في عمليات التحكم بالعقول، لذا فدعم قوى كحزب البعث العراقي ولربما السوري واجبه لاختراق شبكات التواصل الاجتماعي وتجنيد الحاقدين والحانقين والجهلة والاغبياء لتحويلهم الى قنابل موقوتة.
(3) ضمن الاشرطة التي عرضتها قناة «العربية» حول محاربة السعودية للارهاب، يظهر احد الاشرطة الشاب الانتحاري الذي فجر نفسه بمبنى مرور الرياض قبل ساعات من العملية وهو لا يستطيع الاجابة عن اسئلة رفاقه البسيطة، مكتفيا بالقول «انه غير مركز»، فهل تلك دلالة على ان مخه تم التحكم فيه ولا يستطيع استخدامه لغير الهدف الذي برمج لأجله؟!