في العقد الأخير كان واضحاً تقارب، أو بالأصح تحالف تيارين اجتماعيين في الكويت، أحدهما قريب من إيران، وله علاقات قوية مع رموز توجهاتها الدينية، والآخر قريب من السلطة وله علاقات قوية مع رموز في الحكومة! وساهم هذا التحالف في تثبيت وإيجاد مكتسبات، سياسية واجتماعية واقتصادية، لأتباع هذا التيار. وبالتالي، تحولت كل الطرق في الكويت إلى طرق سالكة لنفوذ إيران وتغلغلها داخل مكونات المجتمع الكويتي الصغير! ولم تكن الحكومة في غفلة عما يجري، بل كانت على دراية بكل ما يحدث، وبرضا تام منها.. كل ذلك من أجل تهدئة الجار الكبير وكسب وده وتعاطفه، علّ وعسى أن نأمن جانبه عند الشدائد! لكن ما الذي حدث؟
اكتشفنا، منذ بداية هذا العقد الفريد، أن إيران لا تتعامل معنا بما نستحق، ولم تقابل الإحسان بالإحسان، ولم تكافئ الحسنة بمثلها، بل مارست، منذ اليوم الأول، التخطيط لتغيير الواقع الكويتي، فأرسلت قواربها الخشبية المحملة بالجواسيس المدربين، وفتحت حدودها البحرية لنقل جميع أنواع السموم لتلقي بها على سواحلنا، واستمرت في تهديد أمننا واستقرارنا بين الحين والآخر، وختمتها بالطلب من بعض أتباعها تخزين أسلحة ومتفجرات في إحدى المزارع تكفي لحرق الكويت بمن فيها!
ومع هذا استمر هذا التحالف بين التيارين الكويتيين، وكأنه زواج كاثوليكي لا يجوز إبطاله! واستمرت الحكومة في مراعاة خاطر الجار «الغثيث»، واستمرت سياسة «وعين الرضا عن كل عيب كليلة»! وتحولت قضية خلية العبدلي إلى المحكمة وأصبحت قضية رأي عام، فلم تتمكن الحكومة من غض النظر عنها واضطرت إلى رفع يدها عنها وتركت أمرها إلى القضاء ليقول كلمته، ومع أن محامي الخلية كان محسوباً على التيار الحكومي المتحالف مع التيار القريب من إيران، إلا أن المحكمة نطقت بالحكم الأولي الذي لم يكن ليرضي تسعة نواب في البرلمان، كنا نتوقع أن بعضهم لا يخضع لمثل هذه التوجهات الطائفية!
عندما تم تفجير مسجد الإمام الصادق، سارعنا باستنكار هذا الحدث الإجرامي، وكنا مع أوائل من زار موقع التفجير تعاطفاً وتضامناً مع أهل الضحايا، وطالبنا بانزال أشد العقوبة لمرتكبي هذا الفعل الإجرامي، وكنا نتوقع ردة الفعل نفسها من الطرف الآخر عندما تم اكتشاف خلية العبدلي، وشاهدنا كم الأسلحة والمتفجرات المخزنة، إلا أن الصدمة كانت من ردات فعل باهتة، تبرر للفاعلين، منذ اللحظة الأولى، وتطلب الانتظار لحين أن يقول القضاء كلمته. ومع هذا، وبعد أن صدرت الأحكام، نجد الأعضاء التسعة ينسحبون من الجلسة بحجة أنهم يسجلون موقفاً؛ اعتراضاً على الأحكام الجائرة، على حد زعمهم!
عموماً، أحداث كثيرة جرت في العقد الأخير بيّنت حاجة الكويت إلى تحالف تيارات كثيرة في الساحة تتفق على حفظ الكويت ومستقبل وجودها، وتنسى أو تتناسى خلافاتها، ولو مؤقتاً، من أجل منع جر الكويت إلى السقوط في أحضان إيران من ق.بل الموالين لها من كلا التيارين، ولكن المهم ألا نخلط الأوراق، فنظن أن التيار الأول يمثل كل الشيعة، والتيار الثاني يمثل كل الموالين للسلطة، فقد تبين لنا بعد الانسحاب المهين أن النواب التسعة لا يمثلون الطائفة بقدر ما يمثلون أنفسهم!