الله أكبر على المتذمرين من تطاير حصم الشوارع (بالفصحى حصى). والقصة أن الكويتيين، استيقظوا يوماً، فوجدوا شوارعهم ترجمهم بالحصم، فيتكسر زجاج سياراتهم، ويتحطم في أحضانهم، فعملوا من الحبّة قبة، وتذمروا وناحوا، من دون أي شعور بالوطنية، ومن دون حتى أن يفهموا عمق المسألة.
ولو أنهم استرجعوا كلام الشاعر الذي قال متغزلاً في حب الكويت: “ترابج احنا نبوسه، ولو يحصل ما ندوسه”، لأدركوا أن هذا الحصم الطاهر، قرر أن يصل إليهم في عقر سياراتهم، فلا يحتاجون إلى السجود على الأرض وتقبيله، وهو ما يستحق الشكر والثناء، فهذا هو حصمنا المعطاء، كما نعرفه، حماه الله من أقدامنا وعجلات سياراتنا.
وإذا كانت تركيا تباهي بعزمها على افتتاح أطول جسر معلق في العالم، في فترة قياسية، وفي مدة أقل من المدة المتفق عليها، فإننا نتحداها ونتحدى حصمها أن يتطاير، كما يفعل حصمنا الوطني المعطاء. لماذا؟ لأن الأتراك، إن تطاير حصمهم وكسر زجاج سياراتهم، فسيتوجهون، بربطة المعلم، إلى المسؤول عن الطرق، فيشدونه من قميصه الكريم، ويضعونه في “دبة سيارة”، ويتوجهون به إلى مكان قصي، ليغنّوا على دماغه الجميل “هيلا يا رمانة”.
الأتراك لا يقدّرون نعمة تطاير الحصم، ولا يفهمون عمق المسألة، لذلك تجد شوارعهم، حتى تلك التي في المناطق النائية، وفي القرى الجبلية، ملساء، لا شية فيها، ولا صوت لها ولا خبر. ورغم اختراقها الجبال، إلا أن حصمها خاضع صامت خانع، رضي بقدره المقسوم والمرسوم له، ولا حول ولا قوة إلا بالله، لذلك لم يستشعروا فرحة تطاير الحصم وتكسُّر الزجاج، قبل أن يتزاحموا في منطقة الصناعية عند محلات بيع الزجاج، ويتبادلوا الأحاديث والضحكات على أوضاع البلد، كما يفعل الكويتيون الوطنيون، ويشربون الشاي عند محلات “البنشر” بعد أن “تسحّكت” عجلات سياراتهم، فيجتمع شملهم هناك، بعد أن فرّقتهم الأجهزة الحديثة والبرامج الجديدة ومشاغل الدنيا الفانية… وحدوووه.