لا أكتب اليوم في رثاء نائب، ولا أعلق في المقال على آراء ومواقف كان يتبناها اختلفت مع كثير منها واتفقت مع بعضها، فكل تلك الأمور خارج سياق ما سأكتبه في السطور القليلة القادمة عن النائب الراحل نبيل الفضل.
لم يدخل المعترك السياسي من باب الانتخابات البرلمانية إلا في السنوات الثلاث الأخيرة، إلا أنه ورغم قصر تجربته العملية في الانتخابات وما تلاها من عمل برلماني حاول ترسيخ بل توجيه العمل البرلماني في اتجاه سليم، وأكرر هنا بأني لا أتكلم عن آراء أو مواقف بل عن أسلوب وأدوات للعمل البرلماني السليم.
فمع بداية خوضه للانتخابات لم يقدم نفسه كمرشح تقليدي يرتاد الدواوين للبحث عن أصوات أو يخوض في فرعيات أو يتبادل الأصوات (وفق نظام الأصوات الأربعة في انتخابات المجلس المبطل الأول فبراير 2012)، بل قدم نفسه كمرشح بندوات محدودة أقامها في أحد فنادق الكويت ليطرح فيها ما يشاء من تصورات وآراء وتعليقات منسجمة مع ما كان يعتنقه من أفكار، لا يهم إن كانت تعجبنا أم لا بقدر أهمية النموذج الذي كان يحاول تقديمه، وهو الأمر الذي كرره في انتخابات مجلس الأمة المبطل الثاني والمجلس الحالي أيضا.
وبعد دخوله إلى المجلس كنائب قدم الراحل نبيل الفضل نموذجا للعمل النيابي الحقيقي الذي لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بتخليص المعاملات والجري خلف الوزراء للتوسط لهذا وذاك بحثا عن الأصوات في غالب الأمر، ولعل المفارقة أن تكون آخر كلمات الراحل نبيل الفضل هي تذمره من سعي النواب إلى توقيع المعاملات داخل قاعة المجلس والانصراف عن الدور الفعلي للنواب، وتحولهم إلى «مناديب» لدى الناخبين، تلك الكلمات التي كانت تنسجم مع ما حاول تطبيقه أثناء ممارسة دوره كنائب.
كما يحسب للراحل أيضا أنه كان يبدي ما يشاء من آراء دون أي حسابات فوز أو خسارة انتخابية، فهو لم يتحول كالكثيرين غيره إلى «ما يطلبه الناخبون» وينصاع لأوامرهم وصيحاتهم بقدر ما يحاول أن يقدم لهم قناعاته، فإن ناسبتهم انتخبوه وإن لم تعجبهم انصرفوا عنه، ولم يكن يبالي لهذا الأمر، مقدما بذلك رسالة لجميع السياسيين بأن يطرحوا قناعاتهم دون تجميل أو تلون ليصل الوجه الحقيقي للنائب للناس، ويتمكنوا من تجديد الثقة به أو الانصراف عنه بكل وضوح ودون رتوش تجميلية مزيفة.
إن ما قدمه نبيل الفضل من أسلوب في فترة عمله النيابي القصيرة نموذج يستحق الالتفات إليه وتطبيق ما ينسجم منه مع العمل النيابي الفعلي، رحم الله النائب نبيل الفضل وتعازينا الحارة لذويه ومحبيه.