عاش الناس في الكويت يوم الجمعة 18 ديسمبر بافتتاح استاد جابر الأحمد، بهجة غابت طويلاً عن البلد، حتى كادت تتلاشى وتنتهي، إنها بهجة الإنجاز واستكمال مشروع هذا الاستاد الرياضي الذي لحق إنجاز تحديث طائرات «الكويتية»، وذلك بعد أن توقفت المشاريع في النصف الأول من الثمانينات، فمنذ 30 عاما لم يشهد البلد إنجازاً لمشروع حكومي على مستوى تنموي او للبنى التحتية، فلا مستشفيات ولا طرقات ولا جامعات ولا محطات، فكل شيء إما معطل واما متوقف واما لم يبدأ واما عيوبه تجعله في حالة خطرة، وكل ذلك مؤشر على شيء واحد يبعث على الحزن والقلق، ألا وهو أن مشاريع الدولة في الغالب وسيلة لسرقة الأموال العامة من خلال المبالغة الجشعة في قيمة المشاريع والتواطؤ بين بعض المسؤولين والمقاولين للانقضاض على المال العام والثراء على حساب أموال الشعب ومقدراته، وقد أسهمت مجالس الامة التي أشغلتها البطولات الوهمية أو المصالح الانتخابية أو التكسبات المالية في وقف حال البلد، الذي غابت عنه حكومات القرار والشجاعة والإنجاز، ولعل الحديث عن جامعة الشدادية نموذج مهم للفساد الذي ينخر المشاريع الحكومية، والتعطيل المتعمد لتحقيق الاثراء غير المشروع، ولا أحد مهتم بالمصلحة العامة للبلد، فمشروع جامعة الشدادية بدأ عام 1987، وتركت الارض المخصصة له عرضة للقرصنة والنهب، وكانت ميزانية بنائها وقتذاك 260 مليون دينار، فتعطلت وأجلت وعرقلت مخططاتها وتراخيصها والمبالغ المرصودة لها من الجهات الحكومية، لان كلا منها له ربما مقاولوه وله عمولاته، فتارة تعطلها «البلدية»، وتارة تعطلها «الاشغال»، وتارة ثالثة تعطلها وزارة النفط، أو زير التربية وادارة جامعة الكويت، وتارة رابعة بسبب الاطفاء، بل وتارة بسبب مجلس الوزراء ذاته وهيئاته التابعة.
حتى بلغت تكلفة جامعة الشدادية 2400000000 دينار (ملياران وأربعمئة مليون)، وفيها اوامر تغييرية بنسبة %25 من المبلغ المذكور، لتستوعب 33000 طالب عند انتهائها عام 2019، وهو العدد نفسه لطلبة جامعة الكويت اليوم، اي يوم بدايتها طاقتها القصوى منتهية. وللعلم، فإنه قد تم بناء 13 جامعة خاصة في الكويت منذ 10 سنوات وحتى اليوم في جميع مناطق الكويت، طاقتها الاستيعابية تفوق الــ45 ألف طالب، والمسجل فيها قرابة الــ35000 طالب، وجميعها لم تتجاوز تكلفة بنائها 230000000 دينار (مئتان وثلاثون مليوناً)، اي %10 من قيمة جامعة الشدادية؟! فأين سيذهب مبلغ المليارين و170 مليوناً؟ وفي جيب مَن؟ ومَن المسؤول؟!