أخيراً افتُتح استاد جابر الأحمد الدولي ليضيف أيقونة جديدة للكويت وللشعب الكويتي بعد معاناة كبيرة وسنوات طويلة من الانتظار والجدل والتحقيق والتردد والميزانيات التكميلية بعشرات الملايين، والأهم من ذلك حالة الخوف والهلع من المشاكل الفنية والعيوب الإنشائية والتشطيبات النهائية لهذا المشروع الرياضي الضخم.
وحتى لا ننسى وتكون الأخطاء والإخفاقات نصب أعيننا لتداركها في المستقبل، ولتكون تلك السعادة والبهجة الشعبية الكبيرة التي شهدناها يوم 18 ديسمبر 2015 وبحضور سمو الأمير والأسرة الرياضية والجماهير الغفيرة من المواطنين والمقيمين في احتفالية نادرة من نوعها، فإن هذا المشروع تجاوز عمره نحو عقدين من الزمن، حيث تم توقيع عقد إنجازه في أبريل 2000 وتم بدء العمل بتنفيذه في مارس 2006، وهي مدة طويلة جداً في عصر الإبهار والتنمية، ويعكس جوانب عديدة من الاختلالات الإدارية والتنفيذية وضياع هيبة القانون، ونأمل ألا تكون مشاريعنا المعطلة أصلاً تكراراً لمثل هذه المعاناة.
افتتاح استاد جابر أثبت تعطش الناس لما هو جميل وجديد، حيث كانت آخر احتفالية رياضية ملعب نادي الكويت في عام 1974 أي قبل أربعين سنة، ويعني ذلك حرمان أربعة أجيال متعاقبة من الإنجازات الحقيقية التي تعكس تطور الحياة، وتلبي طموحات الشباب في عصرهم الذهبي.
منظر العوائل والصغار والكبار بتلك الابتسامة السعيدة والتلويح بعلم الكويت وقضاء يوم كامل على كراسي ملعب جابر الأحمد دون كلل أو ملل قد يعيد روح الأمل والطموح لدى الناس، ويبدّد أجواء الكآبة والإحباط واليأس، ومنظر وجود سمو الأمير في مقدمة الاحتفالية أيضاً تفرض مدى الحاجة إلى وجود قيادة تحفز وتبارك وتتوج الجهود نحو أهدافها النهائية، ومنظر التقاء الرياضيين المخضرمين مع خلفهم من جيل الشباب سيساهم في زرع روح العطاء المستدامة والاستمرار في نهج تراكمي ومتواصل.
من حق الناس أن تفرح وتتباهى ببلدها وإنجازاته، فكانت فرحة افتتاح استاد جابر كبيرة بلا شك، ومثل هذه الفرحة كانت قد سرقت منذ زمن طويل إما إهمالاً أو تقاعساً أو تلاعباً أو حتى فساداً، ولعل أجواء الفرح والسرور قد طغت حتى على المطالبات الكثيرة بالمحاسبة، وإنزال العقاب على المتسبب في معظم مشاكلنا وإحباطاتنا، ومنها مشروع استاد جابر نفسه.
يبقى أن نقول إن الافتتاح الجميل للملعب الكويتي الجديد يحمل في طياته تحديات كبيرة، فانطلاقة هذا المشروع يجب أن يعقبها مشاريع وإنجازات أكبر وأوسع في مردودها التنموي والخدمي، فالرسالة التي وصلت للناس بعد افتتاح استاد جابر تعني أن الكويت قادرة بمواردها وإمكاناتها وكوادرها الوطنية أن تعيد أمجاد الماضي، وأن الشعب الكويتي لا يستحق فقط ابتسامة على الصعيد الرياضي، بل ضحكة دائمة على مستوى الخدمات، والبنى التحية والفنون والاقتصاد، بالإضافة إلى عودة الابتسامة للديمقراطية بكل معانيها الجميلة!