ذكرت في مقال الاربعاء، 12/16، أن ما يحدث في المناطق التي يسيطر عليها داعش، وبروز ما يسمى بالدولة الإسلامية، هما نتيجة مباشرة لهوان حالنا وسوء مناهجنا وضعف معظم حكوماتنا. وأن التخلص من داعش يتطلب تكوين جيش عربي إسلامي. وأن لا جدوى من مطالبة الغرب بالتدخل للقضاء على الإرهاب، خاصة ان الكثيرين سيتهم الغرب بالتدخل في شؤوننا الداخلية، واحتلال دولنا و«سرقة نفطنا»، علما بأننا أصلا نتهمها بأنها من خلقت داعش. كما أن الدول الغربية على غير استعداد للتضحية بأرواح ابنائها، وصرف أموالها لتخليصنا مما يزعجنا. وناديت في المقال، ساخرا، بالدعاء لإنشاء جيش عربي إسلامي، ليقوم بالمهمة.
وفي يوم نشر المقال، أعلنت السعودية عن قيام تحالف «إسلامي عسكري» لمواجهة الإرهاب، من دون تحديد ما المقصود بالإرهاب! وكان الإعلان مفاجئا، فلم تسبقه اية مباحثات أو اجتماعات، وبالتالي سيتطلب الأمر تحريك جبال تهامة قبل أن يتمخض أحدها عن شيء ملموس على الأرض! فعدد الأسئلة التي ليس من السهل الإجابة عنها ضخم، في ظل كل هذا التداخل والتشابك العسكري والدبلوماسي والسياسي على الأراضي السورية والعراقية، وفي غياب أي تصور عما سيحدث لو قامت الطائرات الروسية مثلا بضرب تجمعات هذا الجيش الإسلامي، فالقرار مفاجئ بكل ما تعنيه الكلمة، وحتى لبعض الدول التي ورد اسمها ضمن التحالف، الذي قد تكون السعودية ومصر وتركيا، مع كل ما يفرقها، رأس حربته، هذا غير دور تركيا المثير للجدل في كل ما يتعلق بأنشطة المنظمات الإرهابية. ولو شاركت الإمارات في هذا الجيش فستحارب الإخوان، فهم، بموجب قوانينها، منظمة إرهابية، في الوقت الذي تعتبر فيه تركيا نفسها إخوانية (!!).
إن الحرب على الجماعات الإرهابية يجب أن يبدأ من الداخل، أو على الأقل يتزامن معه. فليس من الحصافة أن تترك هذه الدول ظهورها مكشوفة لإرهابي الداخل، وتذهب لتحاربهم في الخارج، ولا يبدو أن ايا من الحكومات المعنية قد قامت بمثل هذه الحركة الاستباقية الضرورية، علما بأن غالبيتها، إن لم تكن كلها، لا تجرم الانتماء لهذا التنظيم.
نعيد ونكرر ان داعش ستذهب يوما إلى حيث ألقت أم طرطش رحالها، ولكن ماذا عن المستقبل، وما الضمان أن داعش آخر لن يخرج من تحت الرماد، طالما بقينا على جهلنا وتخلفنا. فالجذور الفكرية والطائفية المتطرفة لهذه الجماعات لا تزال ضاربة في الأرض، وعودتها، ربما اقوى، مسألة واردة. فإن نجحنا في معركتنا الداخلية فسننجح حتما في معركتنا الخارجية، وبغير ذلك نكون «لا طبنا ولا غدا الشر»!