ما الذي يتبادر إلى الذهن عند سماع اسم مارك زوكربيرغ Mark Zuckerberg؟
لا شيء ربما، فحتى الاسم يصعب لفظه، دع عنك حفظه! ولكن رنينه عند البعض قد يشي بديانة أو هوية صاحبه. ولو صدف أن التقيناه في عيادة طبيب، ولاحظنا القلنسوة اليهودية التي يضعها على رأسه، لتجنبنا الحديث معه أو حتى الاقتراب منه، خصوصا أنه يبدو ـــ بشعره الأحمر وتقاطيعه الطفولية، التي لا تقول إنه في الثلاثين من العمر ـــ شخصاً غير محبب.
وسبب تجنبنا له يعود غالباً الى تربيتنا التي علمتنا كراهية اليهود، ورفض الاختلاط بهم، والحذر منهم، فهم أهل غدر، وذوو رائحة خاصة، وطقوس غريبة، وأرذال بخلاء، ويكرهوننا، ويريدون الموت لنا، وبالتالي لو وقعنا في أيديهم لأكلونا، ولو وقع أحدهم بيد «أشاوس داعش» أو «القاعدة» لكان مصيره الموت المحقق، ليس فقط لأنه يهودي، بل أيضا لأنه أميركي، وثري ومفسد في الأرض!
مارك زوكربيرغ هذا هو أحد كبار مؤسسي شركة فيسبوك للتواصل الاجتماعي، ورئيسها التنفيذي، وهي الشركة التي تأسست قبل 11 عاما في كاليفورنيا، ويعمل بها 15 ألف موظف، التي لا تمتلك عمارات ولا اصولا ولا مركبات، ومع هذا تتراوح قيمتها السوقية بين 230 ملياراً و250 مليار دولار! هذا «اليهودي الكريه»، الذي ليس في «العين شيء، الذي يمقته أغلبنا بحكم تربيتنا، كشف، بجرة قلم، عوراتنا وتشدقنا بأننا افضل الخلق واحسن البشر، وغيرنا ما هم إلا حفنة وشرذمة من أحفاد القردة والخنازير، الذين لا يستحقون غير جز الرقاب، بتبرعه الضخم، وهو الذي لا يتجاوز الثلاثين من العمر، بــ%99 من ريع اسهمه في شركة مايكروسوفت للأعمال الخيرية، وهذا يمثل اكثر من 40 مليار دولار، وجزء كبير من هذا المبلغ سيصرف للبحث عن علاج لكثير من الأمراض التي تشكو منها شعوبنا، وسنكون من أكبر المستفيدين من تبرعه، ومع هذا سندعي عليه بالموت والوبال والخبال!
لم يعجب تبرع هذا الشاب اليهودي طبعا الكثيرين من المرضى النفسيين منا، وقالوا ان التبرع في الحقيقة قد تم لمؤسسته الخيرية، التي ستستفيد من عوائد الأسهم، وانه بهذا سيتجنب دفع أي ضرائب دخل على أرباحه! وأن مؤسسته الخيرية ليست خيرية بالكامل! بل لها أنشطة أخرى أيضا، وهي التي تقرر اسماء الجهات التي تستفيد من منحها، التي قد يتم استغلالها لأغراض المؤسسة الخاصة!
طبعاً هذه كلها حجج سخيفة وواهية، وحتى لو صحت، فإن الرجل يكفيه أن يصرف ملياراً من حر ماله لكي يكون شخصا مميزا يستحق منا كل احترام.
غريب أمر البعض منا، الذين لا يكتفون بعدم التبرع بشيء للخير، وإن تبرعوا فللمنظمات الإرهابية، بل ويهاجمون وينتقدون حتى من يتبرّع، لمجرد أنه يهودي!