أقدمت تشفين مالك، وزوجها، وهما من اصول باكستانية، ومع سبق الإصرار، على قتل 35 مدنياً من مواطنيهما الأميركيين، الذين سبق أن آووهما، وامنا من خوف.
وبيّنت الوقائع ان عملهما كان إرهابا، وكانا يزمعان تكرار عمليتهما الإرهابية، بما امتلكاه من ترسانة أسلحة حربية فتاكة في منزلهما.
وعرف عن تشفين وزوجها تعصّبهما الديني، وسبق أن أعلنت صراحة على صفحتها على «الفيسبوك» اعترافها «بخلافة» البغدادي.
فما الذي دفع هذين الزوجين، اللذين كانا معدمين، قبل ان يهاجرا الى أميركا، لقتل كل هذا العدد من الأبرياء، في تجمع خيري؟
هل يمكن فصل تصرف تشفين وسيد عن جرعات كراهية الآخر التي يتلقاها يوميا مئات طلبة مدارس الدول الإسلامية؟
لقد سبق أن كررنا أن «داعش» باق كفكر، وليس بالضرورة كتنظيم، وأسباب بقائه او بعث ما يماثله أمر وارد. ولأسباب قانونية، لا نستطيع التطرق بصراحة الى الظروف التي أدت الى ظهور مثل هذه التنظيمات الإرهابية، ولكن يمكن القول بصورة عامة إن للمناهج دورها، ولأنظمة الحكم المستبدة دورها، وللبطالة والجهل دورهما، وإلى أن تختفي هذه الأمور، فسيبقى خطر التطرف بيننا إلى الأبد.
وفي مقال كتبه الأكاديمي محمد حبش قال إن إيمان مصطفى البغا، الاستاذة المتخصصة في الدراسات الإسلامية في جامعة الدمام، التي قررت قبل فترة ترك عملها، والالتحاق بتنظيم داعش، بعد أن أعلنت «بيعتها» للبغدادي، خير مثال على مدى تجذر الإيمان بــ«داعش» في قلوب الكثيرين! فإيمان ليست جاهلة، ولم تنشأ في بيئة شاذة، بل هي ابنة د. مصطفى البغا، أشهر محققي علماء الشريعة في الشام، وله أكثر من 50 مؤلفا دينيا.
وأشرف على دراسات دكتوراه في الأردن وسوريا ولبنان، وكان خطيب جامع زين العابدين في دمشق. أما أخوها، د. الحسن، فهو عميد سابق لكلية الشريعة بدمشق، والثلاثة من المؤمنين بالفكر السلفي. ويقول إن إيمان تعتقد أن كل أفعال «داعش» ما هي إلا تطبيق دقيق للفقه الإسلامي، وفق رؤية السلف الصالح. وان أي إنكار لسلوكيات التنظيم هو تنكر للإسلام نفسه. ويعتقد حبش ان إيمان لا تعاني من أي عقد نفسية أو اجتماعية، فهي تمارس بالضبط ما تعلمته على مقاعد الدرس وما علمته لطلبتها في الجامعات والمدارس.
وأنها سبق أن ذكرت على صفحتها في «الفيسبوك» انها إرهابية، وبالتالي يمكن القول إن «البغا» ليست ظاهرة استثنائية، وليست تائهة، إنها تطبق بأمانة ما تعلمته وعلمته.
نعود ونقول إن الأمر يتطلب نسفا للمناهج، وتعديل كثير من أنظمة الحكم، ونشر ثقافة التسامح، وإيجاد فرص عمل لملايين العاطلين! وبما أن اياً من هذه المطالب اسهل منها تحريك الجبال، فإن فكر «داعش» سيبقى حيّا في القلوب!