قال لي صديق إنه تلقى دعوة شخصية للمشاركة في لقاء تعريفي بأعمال وأهداف اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق الشريعة الإسلامية، وكان ذلك في بداية تأسيسها في تسعينات القرن الماضي. وقال إنه دخل، ومحافظ سابق للبنك المركزي، في نقاش مع أحد مسؤولي الهيئة عن جدوى إنشائها، وعدم وضوح أهدافها، وتعارضها مع دستور وقوانين البلاد الوضعية، وكيف ان الاتجاه، محليا وعالميا، يسير عكس ما تود الهيئة السير فيه. وقال ان النقاش، الذي تحول لجدال، طال وشمل أمورا كثيرة، وهنا وجد مسؤول الهيئة أن من الأفضل استكمال النقاش في مقر الهيئة في اليوم التالي.
يستطرد الصديق قائلا إنه توجه، والمحافظ السابق، لمقر الهيئة متسلحا بكم لا بأس به من المواد الداعمة لوجهة نظره، وتم استقبالهما بترحاب، وأخذا في جولة في أرجاء المبنى، وفي نهايتها تم تسليمهما كيسين بمحتويات مغلفة بعناية، وتوديعهما عند باب الهيئة، بمثل ما استقبلا به من «حفاوة وتكريم»، دون الدخول في أي نقاش أو حديث!
ويقول إنه عندما فتح الكيس الخاص به، كان يتوقع أن يرى بداخله مطبوعات وكتبا عن الهيئة ومشاريعها، ولكن بدلا من ذلك وجد مجموعة هدايا بسيطة، إضافة لساعة يد رجالية ثمينة! استغرب حينها ذلك التصرف وتحسر على ما يصرف على مثل هذه الأنشطة من أموال.
كان ذلك قبل أكثر من 20 عاما، ووضع الهيئة اليوم لا يزال «على حطة إيدك»! حتى موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت لا يزال ينتظر من يقوم بتحديثه.
نورد قصة هذه الهيئة، وغيرها الكثير، بمناسبة ما تقوم الحكومة بتسريبه بين الفترة والأخرى، من أخبار عن نواياها في تقليص النفقات ووقف الهدر المالي، وزيادة أسعار الكثير من السلع والخدمات، وهذه أمور قد تكون مجدية، ولكن ماذا عن الصرف غير المبرر على هيئة استكمال تطبيق الشريعة، وهي التي لم تستكمل يوما شيئا؟ وهل ما يصرف على العاملين فيها وعلى مبناها من ملايين الدنانير سنويا مبرر أصلا؟
علما بأن هناك من هو على استعداد لشراء مبناها الحالي الواقع بالقرب من أرض المعارض بأربعة ملايين دينار، أو أكثر، هذا غير ما يمكن توفيره من أموال طائلة إن تم حل الهيئة العاجزة عن القيام باي شيء.
ولو كنت في مكان من يديرونها، لـ«قصيت الحق من نفسي»، وقدمت استقالتي من الهيئة وإغلاقها أبوابها وتسليم مفاتيحها للجهة المعنية.