منذ أربعين عاماً تقريباً، وتحديداً منذ عام 1976 وحتى اليوم، والوطن تثخنه جراح دامية لم تندمل، ومعالجتها كانت آنية أو تخديرية، مما أبقى تلك الجراح دامية ونازفة: اجتماعياً.. يفت في عضد الوطن ووحدته مسارات تمزّقه فئوياً وطائفياً وقبلياً ومالياً، تستنزف مقدرات الوطن فتعددت أوجه إهداره ومظاهر فساد إنفاقه، وتعليميا تلاشت قيم التعليم تخريجا لحملة الشهادات وتوارى حملة المؤهلات، وتدنت مدخلات التعليم ومخرجاته وتراجعت مقوماته، وسياسيا اختلت توازنات الدستور وتم التخلي عن ركائزه، وتم المساس بثوابته ومنظومته التوافقية وفكرته التعاقديّة بسبب تراخي الحكومة عن التزاماتها المسطرة فيه.
توالت حكومات غير قادرة شلّها التردد، سمتها عدم الجرأة وتأجيل القضايا، فتراكمت مشكلات الوطن رغم بساطتها، وتعقدت الحلول رغم وضوحها، ودخل الوطن في متاهات تقاذف المسؤولية أو تمدد سلطة على حساب السلطات الأخرى، فضاق الأفق السياسي لدينا رغم سعته.
ها نحن نشخص بلوغ الوطن لحافة التداعي بسلبياتها وآثارها المؤلمة، وأمامنا بصيص من أمل بانتشال الوطن من كل ذلك باللحظة المناسبة، غير أن ذلك يتطلب جراحة ناجعة وغير مسبوقة، أولها إعلان الحكومة عدم تمددها على مبدأ السيادة الشعبية وصيرورتها مؤسسة مطلبية لتحقيق الحصول على المناصب واستخدامها غطاء للاستفادة من موقعها الاعتباري في نفوس الناس، وثانيها حل التفكير بمبادرة سياسية تلم شمل اللحمة الوطنية وأظنها بالدعوة الى انتخابات مبكرة (فبراير 2016)على أساس نظام دوائر عادل (الدوائر الخمس على أساس يوم الميلاد بالتصويت للائحة) بما يحفظ وحدة الوطن من التشرذم الفئوي والطائفي والقبلي والعصبي الذي آلت إليه الأمور، وثالثها حسم قضايا معلقة ترهق الوطن ومواطنيه وهي قضية ازدواج الجنسية بإصدار قانون يسمح بالاختيار النهائي قبل نهاية 2016. وقضية احتكار الأرض بإصدار قانون فرض ضريبة تصاعدية تبدأ بـ%7 من قيمتها على الأراضي الفضاء أو البيوت غير المسكونة (أسوة بالسعودية).
إلزام كل الشركات، التي تحصل على مناقصات حكومية، بتخصيص %15 من قيمة المشروع لإنفاقه على مشروعات تنموية خلال 3 سنوات من تاريخ ترسية المناقصة، (بنية تحتية، صحة، تعليم، استصلاح أراض للسكن وغيرها)، إلزام الشركات الكبرى في مجالات النفط والمقاولات والصناعة والعقار في تعيين أعداد معلنة من الكويتيين وترتيب حرمانها من أي دعم إن قصرت، فرض نظام الضرائب وفقاً للشرائح على الشركات المدرجة، ونظام الشرائح على استهلاك الكهرباء وإعفاء المنازل السكنية فقط، سواء كانت بيوتاً أو شققاً.
ولا ننسى أن البلد يعاني من جراح لم يبرأ منها بعد، مما يلزم عدم التأخر في علاجها.