تقول النكتة إن أحد المقاولين تعاقد مع ثلاثة عمال لتركيب مجموعة من أعمدة الكهرباء على طريق صحراوي. قام المقاول بتكليف الأول بعملية الحفر، لسرعته في ذلك، وكلف الثاني، لقوته، بوضع العمود الضخم داخل الحفرة، وكلف العامل الثالث بردم الحفرة حول العمود، ودك الأرض.
بعد مراقبتهم يعملون لأيام، كل في مجال تخصصه، واطمئنانه بأن كلاً منهم عرف حدود تخصصه، وأصبح بارعاً فيه، وبسبب حرارة الجو، تركهم وذهب لبضعة أيام لقضاء بعض أعماله.
وعندما عاد بعد أسبوع تقريباً، وجد أن العمل يسير بطريقة أكثر من مقبولة في بداية المشروع، ولكن ما إن اقترب أكثر من العمال حتى وجد، وياللغرابة، أحدهما يقوم بعملية الحفر بسرعة كبيرة، والثاني يقوم بردمها بسرعة أكبر، وهم مستمرون في الحفر والردم، دون أن ينتبهوا لوجوده، فصرخ فيهم طالباً التوقف، وسألهم عما يقومون به من عمل غير مجدٍ، فرد عليه أحدهم قائلاً إن رفيقهم الثالث، المكلف بوضع العمود، لم يحضر منذ يومين، وأنهما استمرا، حسب تعليماته الواضحة، بالقيام بأعمالهما حسب تخصص كل منهما، بصرف النظر عن أي متغيرات!
تذكرت تلك القصة عندما لاحظت لخمس مرات، وعلى مدى الشهرين الماضيين، أن إدارة أمن مطار الكويت «الدولي»، التي سبق أن قامت خلال السنوات العشر الماضية، على الأقل، بمنع دخول منطقة وزن الحقائب وإنهاء إجراءات السفر إلا من خلال بوابة أمنية محددة يمر عبرها جميع المسافرين وحقائبهم عبر أجهزة كشف المعادن، وغيرها من المواد الممنوعة، على أن يخرج المسافرون من الصالة عبر بوابة أخرى تقع في الجهة الأخرى من صالة السفر، التي يقف عليها «حارس أمن» يمنع الدخول للصالة منها، وحتى طريقة تصميم قضبانها لا تسمح إلا بالمرور منها في اتجاه واحد، وهو الخروج. وأن إدارة المطار أو الأجهزة الأمنية فيه قامت بتغيير إجراءات السفر، وأوقف عمل أجهزة كشف المعادن قبل وزن الحقائب، والتي ربما نقلتها لمكان آخر، وسمح للجميع بدخول صالة السفر، مع حقائبهم، من غير تفتيش أو تدقيق! إلا أن بوابة الخروج بقيت بقضبانها الحديدية التي تسمح بالخروج من الصالة وتمنع الدخول إليها، كما بقي رجل الأمن، التابع لشركة أمن خاصة، في مكانه يحرسها. وحتى عندما حاولت الدخول منها، والعودة إلى الصالة، منعني الحارس من ذلك، فقلت له إن بإمكاني دخول تلك الصالة من أي من البوابات الأخرى، فقال لي بلكنته البنغالية «أنا عارف بابا»، وأن هذا «مو شغله»، وأنه مطالب بمنع الدخول للصالة من تلك الجهة، وهذا ذكرني بعاملي الحفر والردم اللذين استمرا في أداء عملهما بكل أمانة وإتقان، على الرغم من عدم جدوى ما كانا يقومان به لغياب عامل وضع عمود الكهرباء في الحفرة. ويا أمة…!