علينا محاربة “داعش” في ميادين الفكر… منذ ظهور ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية لم يخلُ خطاب رئاسي، أو أي خطاب معني بالإرهاب من هذه الجملة، التأهب الأمني والمعركة العسكرية ما هما إلا حل مؤقت لمواجهةِ بربرية هذا التتظيم، فالمواجهة في ميادين الفكر هي الفيصل للقضاء على هذه الزمرة الفاسدة التي تعتمد على غسل العقول وتجييش العاطفة واستشراء علم “التكريه” والتكفير.
كيف لنا أن نُقنع أو نؤثر في المتطرفين أو حتى نحد هذا الفكر الذي يستشري أكثر في مجتمعاتنا؟ ومن المخول أن ينضم لمواجهة من هذا النوع، مع متطرفين بهذا العنف؟
أولاً علينا أن نتفق على حقيقة أنه بناءً على حسابات الأرباح والخسائر، وهي حسابات تخضع لها أصول وقواعد اللعبة السياسية، وهي سبب رئيسي لغياب العدالة واستمرار الظلم، فإن الخاسر الأكبر من وجود هذا التنظيم هو دولنا العربية، ولذا علينا ألا ننتظر حلاً من الخارج، فهناك من استطاع أن يجمع ٩٥٠ مليار دولار بزعم قيادة تحالف للقضاء على هذا التنظيم الذي بات يتمدد أكثر بعد إعلان الحرب المزعومة عليه، غير أن التحالف المزعوم لم يستطع أن يحشد أكثر من ٧٥ جندياً لمقاتلة هذا التنظيم ميدانياً، وخمسة فقط منهم مازالوا يقاتلون بحسب آخر التقارير! فهل هناك من يجرؤ على السؤال عن الـ٩٥٠ ملياراً التي دُفعت؟ وكوننا الخاسر الأكبر من وجود هذا التنظيم فتلك الخسارة ليست اقتصادية فحسب، فديننا يُختطف، وقيمه تُدحر، وشبابنا تُغسل أدمغتهم وتوجه نحو القتل والهدم والتدمير بدلاً من العلم والبناء والتطوير، وبناء على كل ماسبق، فنحن أول من يجدر بهم قيادة الحرب على هذا التنظيم، أو على الأقل، أن نقود المعركة الفاصلة ضده في معركة “الفكر”. ليس من المعقول أو المقبول أن يُقنعني أحد، أو يُقنعك عزيزي القارئ، بأن نُقنع المتطرفين أو من يسهل استدراجهم للسقوط في براثن التطرف، بضرورة التعايش والتسامح، واحترام الآخر، واحترام تعددية المجتمع وفق قوانين ودساتير مدنية، فالاقتناع بها بالنسبة إليهم يمثل ارتداداً عن الدين… أعود إلى سؤالي في بداية المقال: من الذي يستطيع أن يؤثر في هذا التنظيم؟ حركات الإسلام السياسي تبدأ وفق تدرج التشدد من “الإخوان” إلى السلفية الجهادية إلى القاعدة، ثم “داعش” التي وصلت إلى أقصى مراحل العنف الذي خرج عن قواعد التشدد، وبدا ما لديهم ديناً آخر، ترفضه جميع الأديان.
الإسلام السياسي بعد الزج بالإخوان في السجون، وتصنيفهم في دول كثيرة بالمنطقة كمنظمة إرهابية، أحدث فراغاً ملأه المتطرفون، والخلاف مع “الإخوان” لا يعني أن ننكر حقيقتين من المهم إدراكهما، أولاً نفوذهم الكبير في سورية والعراق ومصر، وبدرجة أقل في تونس وليبيا، والأخرى نكران اعتدالهم مقارنة بهذه التنظيمات الإرهابية.
أتمنى وأنتظر إعادة النظر، أصبح خروج “الإخوان” من السجون والمشاركة الفعالة في الحرب على الإرهاب ضرورة حتمية.