كل ما تفعله الحكومات التركية المتعاقبة، منذ ثلاث عشرة سنة، أمورٌ لا تعرفونها. حديثي هنا موجه لأذناب إيران، وعشاق الديكتاتوريات، ولعاقي أحذية ذوي المناصب والكراسي.
الحرية الصحافية الفاخرة، أمرٌ لا تفهمونه. احترام المتهم، والتحقيق معه من دون تعذيب وامتهان كرامة، والسماح لمحاميه بالدخول معه إلى غرفة التحقيق، هو أمرٌ لا تفهمونه.
الانتخابات النزيهة، والانصياع لقرار الشعب، أمر لا تفهمونه. تنفيذ الوعود والبرامج الانتخابية، أمرٌ لا تفهمونه ولا تصدقونه، وتظنونه من خرافات الأولين وأساطيرهم، لكنه واقع ملموس هنا في تركيا.
نصرة الشعوب الغاضبة المقموعة، الثائرة ضد جلاديها، واحتضان الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ، الهاربين من جحيم الديكتاتور، وتوفير الحياة الكريمة لهم، أمرٌ يصعب عليكم تخيله، لكن يؤسفني أن أقول لكم إنه واقع ملموس معاش، هنا في تركيا. واسألوا ملايين السوريين والمصريين والليبيين المقيمين فيها.
أما الدفاع عن كرامة الوطن، وحماية كل شبر فيه، ضد كائن من كان، روسيا أو الصين أو حتى الجني الأزرق، فهو أمر لا يمكنكم تخيله مهما حاولتم. هي أمور لها علاقة بالكرامة والصدق، مع النفس والشعب، والثبات على المبادئ، والاستعداد للتضحية في سبيلها، وغير ذلك من الأمور التي تتطلسم على عقولكم ونفوسكم الدنيئة الذليلة.
لذا لم نندهش من صيحاتكم الذليلة المستبشرة: “أخيراً وقع الأتراك في شر أعمالهم، بعد أن تطاولوا على أسيادهم الروس”. أنتم ترون أنفسكم عبيداً للأقوياء، ويجب أن تخضعوا أمام الأقوياء. هم لا يرون أنفسهم كذلك. فاحترام النفس أمرٌ لا تفهمونه، ويصعب شرحه لكم. صدقوني.