يقال إن «الرواتب التي يتقاضاها مديرو الهيئة العامة لمكافحة الفساد مرتفعة جدا ولا تقاس بمرتبات موظفي الدولة»، وإن صح ذلك فعليهم بالعافية، فهم لا يستحقونها فقط لكي تبعدهم عن أي إغراءات، بل أيضا لأن طبيعة عملهم ذات حساسية كبيرة.
فغالبية السراق، وفي أي مكان في العالم، هم عادة الأكثر نفوذا وسطوة وقوة مالية وسياسية، وبالتالي هؤلاء الموظفون لا يناطحون ويلاحقون المعوزين والضعفاء، بل «علية القوم». نقول ذلك على الرغم من علمنا بأن مجموعة كبيرة من المواطنين، الذين ينطبق عليهم المثل المصري، «بيخافوا بس ما بيختشوش»، أي أولئك الأكثر جبنا من غيرهم، ولكنهم في الوقت نفسه الأكثر وقاحة، وجرأة في السرقة، ومنهم الذين زورا في أقوالهم وكرروا قبض مكافأة الصمود، بعد التحرير. وأولئك الذين زوروا المستندات للحصول على دعم لجان الإغاثة، أثناء الاحتلال الصدامي للكويت.
هذا غير آلاف غيرهم زوروا شهادات الإعاقة وسرقوا الملايين على مدى سنوات، على الرغم من عدم إعاقتهم، هذا غير أولئك الذين استمروا في قبض رواتب آبائهم المتوفين لسنوات طوال من دون ان يخافوا أن ينكشف أمرهم، أو يخجلوا!
ولو قام أعضاء هيئة مكافحة الفساد بزيارة مناطق الجواخير، أو الزرائب، ومزارع العبدلي والوفرة الزراعية، هذا غير القسائم الصناعية والتخزينية، لشاهدوا العجب من خلال قراءة لوحات الدولة التي تبين مالكي تلك الحيازات، الذين لا ناقة ولا جحش لغالبيتهم بالزراعة أو الثروة الحيوانية!
فما علاقة شركة متخصصة في بيع الأزياء والعطور بأرض تبلغ مساحتها 50 الف مربع، ما علاقتها بالزراعة؟ وهل ستقوم بحقن عطورها بروائح روث المزرعة مثلا؟ وكيف تمنح أرض كبيرة مماثلة لشركة صيرفة، فهل ستزرع فيها القرنبيط بجانب أوراق «البانكنوت» مثلا؟ وكيف تمنح حيازة ثالثة ورابعة والعشرات غيرها وبمساحات مماثلة وأكبر بكثير لشركات وأفراد لا يعرفون في الزراعة شيئا، بل يقومون باستخدامها في كل شيء إلا الزراعة وتربية الماشية؟! وما سر استمرار ارتفاع أسعار الخضار والفواكه واللحوم مع كل زيادة في توزيع الأراضي الزراعية والزرائب، مجانا على «المواطنين»؟!
لا شك في ان هناك مواطنين مزارعين شرفاء وجادين في عملهم، ويبذلون جهودا جبارة، ويصرفون الكثير لخلق صناعة ما، ولكن منافسيهم، من اصحاب الذمم الخربة، و«العليمية» أثروا فيهم سلبا!
ولو قامت لجنة في هيئة الفساد بجرد اسباب منح كل جاخور ومزرعة، ومن حصل على ماذا، لغزا الشيب شعر رأس أعضائها قبل انتهائهم من كتابة وطباعة تقريرهم!
وطننا صغير، وجميل، ولا يحتاج لكي يصبح اجمل لشيء غير تطبيق القانون على الجميع. ولكن يبدو أن الوقت قد تأخَّر!
وردت بالأمس الفقرة التالية في مقال «لكاتب في القبس»، وهو يقصدنا: وطالب بمنع إنشاء جامعة في الكويت، فقط لأن صاحبها من التيار السلفي!!
هذا افتراء وكذب، فنحن لم نطالب بهذا في مقالنا عن الترخيص لجامعة ميونخ التقنية.