أصبت قبل أيام بطفح جلدي بين الفخذين لم ينفع معه ما أُعطيت من علاج. ولوجودي في الخارج بعيدا عن طبيبي، فقد استعنت ببودرة التلك Talc Powder، وساعدني استخدامها على الصبر على «بلواي» لحين العودة الى الوطن.
انتبهت وأنا استعمل تلك البودرة انها من الأشياء التي صاحبتني منذ الصغر، ومع هذا لم أحاول يوما، ولأكثر من نصف قرن، أن أعرف شيئا عن مكوناتها وخاصيتها العجيبة في امتصاص الرطوبة، وهل هي مستخلصة من الجص مثلا أو من أقراص دواء مطحونة، أو عظام بشرية! كما تذكرت أيضا شراباً سائلاً كان يعطى لنا ونحن صغار، كلما شعرنا بالمغص، وكان يطلق عليه اسم «ماء غريب» Gripe Water، ولا علاقة للاسم بالغريب طبعا، فكلمة «كريب» تعني الوجع. وعلى الرغم من فائدة ماء غريب ومفعوله السحري، فإن حكومتنا، ومن منطلق حرصها على صحتنا وإيماننا، وبضغط من قوى دينية متخلفة، منعت استيراده، بحجة أن به نسبة من الكحول! ولو حاولت اليوم جهة ما منع المواد أو الأدوية التي تدخل بها منتجات كحول أو خنزير، كالإنسولين مثلا، لضربت بالنعال.
وللعلم فإن ماء غريب بدأ إنتاجه منذ عام 1851، أي مع نشوء الكويت، واساسه مستخلص من أعشاب طبيعية، ويباع في كل دول العالم منذ 164 عاما من دون أي شكاوى او مشاكل، ولكن يبدو ان فهم العالم أقل من فهمنا بكثير، كما أن حكومتنا «أبخص»!
نعود الى بودرة «التلك»، ونقول إن معرفة العالم بها يعود لسنين طويلة، ويقال إن التسمية فارسية، وتستخدم البودرة في الطب وصناعة الصابون ومواد التجميل وغيرها الكثير. وهي أساسا منتجة من معدن صغري يستخرج من مناطق كثيرة ويطحن، وتضاف اليه مواد مختلفة بنسب معينة، وتركيبته تتكون من سيليكات المغنزيوم المائية مع تركيبة كيماوية معقدة، لها خاصية امتصاص كبيرة للسوائل.
وعلى الرغم من انتشار استعمال هذه المادة، فإن لها تأثيرات جانبية فيمن لديهم مشاكل في التنفس. فمكوناتها الخفيفة جدا تتطاير، أثناء رشها، وتسبب الحساسية للكثيرين. كما ثبت طبيا أن بعض النساء أُصبن بسرطان المبيض نتيجة استخدام هذه البودرة في مرحلة من العمر، أو بسبب دخوله في صناعة الأدوية المزيلة للروائح.
ولكون تركيبة بودرة التلك معدنية فإن من الصعب تخلص الجسم بسهولة مما يتسرب منها للداخل، مسببة الالتهابات بالتالي، أو ما هو أخطر من ذاك.
وعليه ننصح بالحذر عند استخدام هذه البودرة، وتجنب استنشاق المتطاير منها، وعدم استخدام النساء لها، وقد تتوافر طرق أو مواد أخرى مماثلة أكثر أماناً منها.