من رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته. والوضع المادي المأساوي الذي يعيشه وزراؤنا يُبكي الصخر الجلمود، الذي حطّه السيل من علٍ، على رأي الأخ امرؤ القيس. وعندما أشاهد في نشرات الأخبار ما يعانيه مسلمو نيمار، واللاجئون السوريون، أتذكر ما يعانيه وزراؤنا الكويتيون، فتهون على قلبي مصائب النيماريين، ومآسي السوريين، وتخنقني العبرة على وزرائنا، وتغرورق عيناي بالدموع، وقد لا تغرورق، فأكتفي بالنحيب واللطم، فالاغراق قسمة ونصيب.
لك أن تتخيل، أو عليك أن تتخيل رغماً عن أنفك، أن وزراءنا لا يعيش الواحد منهم إلا على معاشه الشهري، الذي لا يتجاوز الألفين وثلاثمئة وثمانين ديناراً، فقط لا غير، بشهادة الوزير الشيخ محمد العبدالله المبارك، حفظه الله، وأعانه على مصيبته، هو وبقية مسؤولينا الضعفاء، من الوزراء والوكلاء وعابري السبيل.
والمصيبة الأدهى والأمر والأشر، أن هذا الراتب ليس للوزير فقط، بل لعياله وبناته، الذين قد لا يجد لهم وظائف تسد رمقهم، وتشبع بطونهم الجائعة، ودليلي هنا، أيضاً، ما ذكره وزيرنا الغلبان محمد العبدالله المبارك من أنه يخشى ألا يجد وظيفة لابنه، حماه الله. وهو ما يضاعف مسؤوليتنا في البحث عن مصادر دخل أخرى للشيخ محمد العبدالله المبارك، ووظيفة لابنه، لعل الله يكتب لنا في ذلك أجراً.
أعرف أن الوضع مبكٍ، ومزرٍ، ويقطع نياط القلب، ويمزق خراط الكوع، وأن مجرد تخيله والتفكير به يقتلك حزناً وشفقةً، لكن رحمة الله واسعة، ويمكن للواحد من هؤلاء الوزراء الصابرين أن يجد وظيفة أخرى تساعده على ظروف الحياة الصعبة، كأن يقود سيارة أجرة مثلاً، في الفترة المسائية، أو يفتتح مطعم كبدة وكلاوي على طريق “كبد”، أو يستأجر دراجات هوائية و”بقيّات”، ويقوم بتأجيرها للأطفال في نهاية كل أسبوع، أو أن يشتغل معاليه “دي جي” في حفلات الأعراس وأعياد الميلاد، أو أي وظيفة أخرى، تساعده، وترم عظمه الواهن، وتُسكت عصافير بطنه الجائعة.
رزقنا الله وإياهم، وأعانهم على جوعهم، وحالهم التي لو عاصرها الروائي فيكتور هوجو لكتب رواية تُخجل رواية “البؤساء”.