ظهر معالي وزير الإسكان قبل بضعة أيام وقال في تصريح له على هامش ملتقى أسبار: «الإسكان ليس مشكلة موارد. ليس مشكلة أراض. هو مشكلة فكر. إن استطعنا معالجة هذا الفكر استطعنا معالجة الإسكان بالكامل». تسبب ذلك في سخرية المواطنين، خاصة من يحمل في محفظته تلك الورقة المتهالكة التي دوّن عليها رقم يقال إنه رقم طلبه بوزارة الإسكان –حدث ذلك قبل خمس سنوات- ولا يزال هذا الرقم مجهول المصير، وتقازمت أحلامه إلى أن أصبح طموحه شقة مساحتها 180 مترا مربعا، المهم أن يسكن ملكا يأويه من جشع صاحب العمارة.
سخط المواطنين من حديث وزير الإسكان وسخروا من ذلك بطرق مختلفة وأطلقوا وسما في تويتر حظي على آلاف التغريدات وكتب الكتاب والمختصون بالشأن العقاري العديد من المقالات بينوا فيها عدم رضاهم عما تفضل به معالي الوزير، ولكن دون جدوى.. فقد خيّم الصمت ولم تدل وزارة الإسكان بأي تصريح رسمي عبر أي قناة من القنوات الإعلامية، فالأمر يتطلب ظهور الوزير بأي طريقة، على الأقل أن يشاركنا إعلاميا ليرد على موجة الانتقادات التي وجهت له.
هذا الصمت المثير للجدل والغرابة معا، يحمل بين طياته أمرين لا ثالث لهما، الأول: أن المواطنين فهموا تصريح وزير الإسكان بالطريقة الخطأ، لذا يتوجب على وزارة الإسكان كقطاع حكومي شرح ما تفضل به معالي الوزير، لكي تكسب ود المواطنين، هذا إذا كان معاليه مقتنعا برأيه ومصرا عليه.
أما الأمر الثاني: أن الوزير قد تورط برأيه ولا يعرف كيفية الخروج من هذا المأزق بأقل الخسائر، ولا يوجد لديه تفسير آخر لمشكلة الإسكان، فالعدول عن الرأي ليس بالأمر البسيط، ولكن أن يتعلق ذلك بمستقبل وطن ومواطنين يكون من الواجب الاعتراف بالخطأ والعدول عن الرأي.
نحن بلد أنعم الله علينا بالمساحات الشاسعة، والأموال الطائلة، ما نحتاجه بنظري ليس وزارة إسكان، نحن نحتاج إلى شركة عملاقة رائدة تدار بعقلية تجارية، تُقرض المواطن وتدعم المطور، فبالتالي تحوّل هذه المساحات الشاسعة إلى نهضة عمرانية عصرية.
بكل صراحة وزارة الإسكان تستحق الشفقة، فمنذ تأسيسها عام 1432 حتى الآن لم تقدم شيئا يلمسه ويشاهده المواطن السعودي رغم تعاقب الوزراء عليها بداية بـ شويش الضويحي ثم عصام بن سعيد والآن الأستاذ ماجد الحقيل، المواطن الآن يعيش حالة من التشتت في تأمين مأوى لأسرته وكأنه يسير في نفق مظلم لا يعلم متى يرى بصيص النور والأمل، وعلى يد مَن مِن وزراء الإسكان.
نعود لنقول إن غياب وزير الإسكان إلى هذا الوقت لا مبرر له، رغم وجود توجيهات صريحة وسامية للوزراء بالرد على أسئلة الصحافة وتقديم معلومات للمواطنين، فالمواطن تغيرت رؤيته لصاحب المعالي وانتهى زمن التصفيق له عندما يتفوه بأي تصريح بعد عقد من الزمن، المواطن لا يريد إلا أن يرى نفسه بعد عشرة.. عشرين عاما من الآن هل يسكن بيته أم لا؟