نجح جاستن ترودو في أن ينهي سيطرة المحافظين ويصبح ثاني أصغر رئيس وزراء في تاريخ كندا، لكن المفاجأة كانت في تشكيل حكومته، حيث اختار المهاجرة الأفغانية مريم منصف (٣٠عاماً)، كأصغر وزيرة في الحكومة، وأول وزيرة مسلمة في تاريخ بلاده، والتي هاجرت قبل 20 عاماً من أفغانستان مع أبويها، وعاشت بكندا لاجئة، وها هي اليوم وزيرة تشرف على الإصلاح في كندا، بالإضافة إلى ثلاثة وزراء من أصل هندي (من السيخ)، بينهم وزير الدفاع الذي هاجر إلى هناك قبل 10 سنوات فقط، وقد علق جاستن على هذا التشكيل بأنه يشبه كندا 2015 في تنوعها الثقافي والديني والعرقي.
الحقيقة وأنا اقرأ التشكيل الحكومي الكندي وقصص كفاح الوزراء الذين وصلوا إلى هذا المنصب، كان يجول في ذهني مواضيع كثيرة لأكتب مقالي عنها، كيف أن الكثافة السكانية لديهم نعمة ولدينا نقمة، كيف حولوا اللاجئين إلى مُبدعين، وحولناهم لمُجرمين، كيف يتعاطى إعلامنا وإعلامهم مع الوزيرة مريم منصف، حيث هلل إعلامنا بأنها مُسلمة وهلل إعلامهم بأنها مُكافحة، أو حتى بمعيار التشكيل الذي كان واضحاً أنه لـ”الكفاءة” قبل أي شيء، لا أود أن أطيل، فقررت أن أتحدث عن موضوع واحد بُحكم أنه الأقرب إليّ جغرافياً و”عار” علي إنسانياً، وهو قضية “البدون” في الكويت.
آخر حل (حسب ما أذكر) وصلت إليه الحكومة تواصلها مع بلد عربي ليستقبلهم كمواطنين وهو “جزر القمر”، لكن ملف البدون كشف لنا فساداً كبيراً متراكماً، كباقي الفساد المتراكم لدينا، وكأنه صخور سقطت فوق إنسان لم يتبق منه سوى نبضات قلبه، والدعاء أن يرى مُنقذاً ينتشله من موت محتوم، مع الأسف هذا الإنسان هو الكويت.
لاشك أن هناك من “البدون” من لا يستحق الجنسية، وأكبر دليل أن عددهم قبل الغزو كان 200 ألف، وبعده أصبحوا 110 آلاف، ما يدل على أن هناك 90 ألفاً عادوا لبلادهم الأصلية، واليوم عددهم بالكويت 210 آلاف… رقم كبير، يساوي 20٪ من عدد المواطنين، ولكن الغريب أنني لم أسمع قط عن قصة نجاح أو كفاح واحدة من هؤلاء الـ210 آلاف، هذا يقودني لأقول لك عزيز القارئ إنه حتى حق الكفاح لذوي الطاقات المُبدعة والمميزة مسلوب من أشقائنا البدون.